للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الذي شهد به الأولان، والدافع متهم في شهادته ولو صدق الولي الآخرين، أو صدق الجميع، أو كذب الجميع بطلت الشهادتان في المسائل الثلاثة المذكورة - أما الأول فلآن في تصديق الآخرين تكذيب الأولين، وعداوة الآخرين لهما، وأما في الثانية، فلآن في تصديق كل فريق تذكيباً للآخر، وأما الثالثة فالأمر فيهما ظاهر، حيث كذب الطرفين.
قالوا: ولو أقر بعض الورثة - ول كان فاسقاً - بعفو بعض منهم عن القصاص، سواء عينه أو لا؟ سقط القصاص عن الجاني، لأنه لا يتبعض، ولو اعترف بسوقط حقه منه فيسقط حق الباقي في القصاص، أما الدية فإنها باقية لا تسقط، بل وإن لم يعين العافي، فللورثة كلهم الدية، وإن عينه، فأنكر فكذلك لا تسقط الدية، ويصدق بيمينه أنه لم عف، وإن أقر بالعفو مجاناً، أو مطلقاً سقط حقه من الدية، وثبت للباقين من الورثة حصتهم منها.
ويشترط لإثبات العفو من بعض الورثة عن القصاص، لا عن حصته من الدية شاهدان عدلان من الرجال، لأن القصاص ليس بمال، وما لا يثبت بحجة ناقصة لا يحكم بسقوطه، أما إثبات العفو عن حصته من الدية، فيثبت بالحجة الناقصة أيضاً، من رجل وامرأتين، أو رجل ويمين، لأن المال يثبت بذلك، فكذا إسقاطه.
وإذا شهد بعض الورثة بعفو بعضهم عن القصاص، فإن كان فاسقاً أو لم يعين العافي منهم فهو كالإقرار.
وإن كان عدلاً وعين العافي، وشهد بأنه عفا عن القصاص والدية جميعاً بعد دعوى الجاني قبلت شهادته في العفو عن الديةن ويحلف الجاني مع الشاهد، أن العافي عقا عن الدية لا عنها وعن القصاص، لأن القصاص سقط بالإقرار، فيسقط من الدية حصة العافي، وإن شهد بالعفو عن الدية، فسقط لم يسقط قصاص الشاهد.
قالوا: وإذا رجع شهود القصاص ضمنوا الدية، ولا قصاص عليهم، لأنه لم يوجد منهم القتل مباشرة، والتسبيب لا يوجب القصاص، كحافر البئر، بخلاف الإكراه، لأن المكره فيه مضطر إلى ذلك فإنه يؤثر حياته، وكذلك الولي فإنه مختار، والاختيار يقطع التسبيب، وإذا امتنع القصاص وجبت الدية، لأن القتل بغير حق لا يخلو عن أحد الموجبين، ولو شهدا بالعفو عن القصاص ثم رجعا لم يضمنا، لأن القصاص ليس بمال.
قالوا: وإذا رجع شهود الفرع ضمنوا، لأن التلف اضيف إليهم، فإنهم الذين ألجؤوا القاضي، إلى الحكم، وإن رجع شهود الأصل، وقالوا: لم نشهد شهود الفرع، لم يضمنوا، لانهم أنكروا التسبيب، وهو الاشهاد والقضاء ماض لأنه خبر محتمل.
ولو قالوا: أشهدناهم وغلطنا، فلا ضمان عليهم، لأن القضاء وقع بما عابثه من الحجة وهي شهادة الفروع فيضاف إليهم اهـ.
-

<<  <  ج: ص:  >  >>