ولو جرح قاطع الطريق شخصاً جرحاً يوجب قصاصاً كقطع يد، فاندمل الجرح لم يتحتم على القاطع قصاص في ذلك الطرف المجروح في الظهر، بل يتخير المجروح بين القصاص والعفو، لأن التحتم تغليظ لحق الله تعالى اختص بالنفس كالكفارة، ولأن الله تعالى لم يذكر الجرح في الآية، فكان باقياً على اصله في غير الحرابة والثاني يتحتم كالنفس والثالث يتحتم في اليدين والرجلين لأنهما مما يستحقان في المحاربة. قالوا: تسقط عقوبات تخص القاطع من تحتم القتل والصلب وقطع الرجل، وكذا اليد في الأصح. بتوبته قبل القدرة عليه لقوله تعالى: {إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم} الآية. أما بعد القدرة فلا تسقط تلك العقوبات عنه بالتوبة منها لمفهوم الآية. وإلا لما كان للتخصيص بقوله من قبل فائدة، والفرق من جهة المعنى أنه بعد القدرة منهم لدفع قصد الحد، بخلاف ما قبلها فغنها بعيدة عن التهمة قريبة من الحقيقة. المالكية قالوا: يجب إن يدفع ما بايدي المحاربين لمدعيه حيث وصفه كاللقطة بعد ألاستيفاء بيمين من المدعي لذلك الشيء، أو ببينة رجلين من رفقة المأخوذ منه، وكذلك برجل وامرأتين، فمن قدر عليه اخذ جميع ما سلبه هو واصحابه، ولو لم يأخذ منه شيئاً كالبغاء والغاصب، ولا يؤمن المحارب أن سأل الآمان من الإمام. ويسقط حد قاطع الطريق إذا جاء المحارب إلى الإمام، أو نائبه طائعاًتائباً قبل القدرة عليه، إذا كان لم يقتل أحداً، وإلا وجب قتله قصاصاً، إذا لم يعف ولي الدم، وإن عفا سقط القصاص، ولا يسقط حد الزنا، والقذف، والشراب، والقتل إذا تاب بعدها، بل يقام عليه الحد. ولا يسقط حكم المحارب إذا تاب بعد القدرة عليه، كما لا يسقط الضمان بإتيانه طائعاً مطلقاً، ولا يترك المحارب ما هو عليه من الحرابة، ولو لم يأت الإمام. الحنفية قالوا: إن ضرب التعزير يكون أشد من ضرب حد الزنا، وضرب حد الزنا، يكون أشد من ضرب حد شارب الخمر، وضرب شارب الخمر يكون اشد من حد القذف، وحد القذف أخف من جميع الحدود، لأن جريمة حد القذف غير متيقن بها، لأن القذف خبر يحتمل الصدق والكذب، وقد يعجز عن إقامة أربعة من الشهداء مع صدقة في قوله، وإنما كان ضرب التعزير أشد من جميع الحدود، لأن المقصود به الزجر، وقد دخله التخفيف، من حيث نقصان العدد، فلو قلنا: يخفف الضرب أيضاً لفات ما هو المقصود من إقامة الحد لأن الألم يخلص إليه لا ينزجر، ولهذا قالوا: يجرد في التعزير عن ثيابه إلا ما يستر عورته، مثل الإزار الواحد. إذا كان مع قاطع الطريق امرأة الشافعية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: إذا كان مع قطاع الطريق امرأة فوافقتهم في القتل وأخذ المال قتلت حداً، وكذلك الصبين وذو الرحم، وغيره، لأن ذلك حق الله تعالى فيقتل حداً. الحنفية قالوا: إذ كان من قطاع الطريف امرأة فإنها تقتل قصاصاً وتضمن، وإذا كان معهم صبي أو مجنون، أو ذو رحم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين لأنه جناية واحدة قامت بالكل، فإذا لم يقع فعل بعضهم موجباً كان فعل الباقين بعض العلة وبه لا يثبت الحكم فصار كالخاطئ مع العامد، وأما ذو الرحم المحرم فقد قيل: تأويله إذا كان المال مشتركاً بين المقطوع عليهم، والأصح أنه مطلق لأن الجناية واحدة.