للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وقالوا: ولا يبدأ بقتال البغاة حتى يبدؤوه قاتلهم حتى يفرق جمعهم. وقيل: يجوز لنا أن نبدأ بقتالهم إذا تعسكروا، واجتمعوا، لأن الحكم يدار على الدليل وهو الاجتماع على قصد القتال، والامتناع عن طاعته. لأنه لو انتظر حقيقة قتالهم ربما لا يمكنه الدفع لتقوى شوكتهم وتكثر جمعهم خصوصاً والفتنة يسرع أليها أهل الفساد، وهم الأكثر، فيدار على الدليل ضرورة لدفع شرهم، ويحدثوا توبة، دفعاً للشر، بقدر الإمكان، والمروي عن أبي حنيفة رضي الله عنه، من لزوم البيت من قوله: الفتنة إذا وقعت بين المسلمين فالواجب على كل مسلم أن يعتزل الفتنة، ويقعد في بيته لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من فر من الفتنة أعتق الله رقبته من النار) وقال صلى الله عليه وسلم لواحد من الصحابة: (كن حلساً من أحلاس بيتك) رواه عنه الحسن بن زياد، فهو محمول على ما إذا لم يكن لهم إمام، وما روي عن جماعة من الصحابة أنهم قعدوا في الفتنة، محمول على أنه لم يكن لهم قدرة، ولاغناء، أما إعانة الإمام العادل الحق، فمن الواجب عند الغناء والقدرةز لقوله تعالى: {فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} الآية.
قالوا: فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم، واتبع موليهم، دفعاً لشرهم، كي لا يلحقوا بهم. وإن لم يكن لهم فئة لهم يجهز على جريحهمن ولم يتبع موليهم، لاندفاع الشر بدون ذلك وهو المطلوب.
الشافعية، والمالكية، والحنابلة - قالوا: لا يجوز للإمام أن يبدأ بقتال أهل البغي حتى يبدؤوا هم بالقتال إذا تركوه بالتولية، والجراحة المعجزة عنه، لم يبق قتلهم دفعاً، ولما روى أبن أبي شيبة عن عبد خير، عن علي رضي الله عنه أنه قال يوم الجمل: (لاتتبعوا مدبراً، ولا تجهزوا على جريح، ومن القى سلاحه فهو آمن) واسند أيضاً (ولا يقتل أسير) ولا يقاتل الإمام البغاة حتى يبعث إليهم أميناً فطناً ناصحاً يسألهم ما ينقمون، فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها، فإن اصروا نصحهم وخوفهم سوء عاقبة البغي ثم يعلمهم بالقتال.
حكم المال والأسرى
الحنفية، والمالكية قالوا: لا يجوز أن يسبى للبغاة ذرية، لآنهم مسلمون، ولا يقسم لهم مال لعدم الاستغنام فيها، لقول الإمام علي رضي الله عنه يوم الجمل: (ولا يقتل أسير، ولا يكشف ستر، ولا يؤخذ مال) وهو القدوة لنا في هذا الباب، ولأنهم مسلمون، والإسلام يعصم النفس، والمال، ولا بأس بأنيقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه، لأن الإمام علياً رضي الله عنه قسم السلاح فيما

<<  <  ج: ص:  >  >>