للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عد بعضهم السرقة من الكبائر، والواقع أن السرقة من شر الجرائم، ولكن الشارع لم ينص على أنها كبيرة، وإن ذكر أنها أسوأ من هذه الكبائر في الدنيا والآخرة. فقد نفى الإيمان عن السارق فقال: (لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) وفي بعض الروايات (فإن سرق فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه) . وقد جعل الشارع لها عقوبة شديدة، تتناسب مع فظاعتها، كما بيناه فيما سلف، على أن الغرض إنما هو عد الكبائر التي نص في الأحاديث على أنها كبائر، فليس الغرض حصر الجرائم الدينية في هذه الأشياء (١) .


أعلم. وبعد الموت حكمه حكم المسلم تارك الصلاة: انه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين وطمس قره إهانة له. وتطلق زوجته. والعياذ بالله تعالى)
(١) (اختلف العلماء من الصحابة والتابعين في الكبائر، من أربع، إلى سبع، إلى تسع، إلى إحدى عشرة، فما فوق ذلك، فكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: هن أربع، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: الكبائر سبع وقال عبد الله بن عباس إذا بلغه قول ابن عمر: إن الكبائر سبع، يقول: هي إلى سبعين اقرب منها إلى سبع وقال مرة: كل ما نهى الله تعالى عنه فهو من الكبائر وقال هو وغيره من الصحابة: كل ما توعد الله تعالى عليه بالنار فهو من الكبائر. وقال بعض السلف: كل ما أوجب الحد في الدنيا فهو كبير' والصغائر عندهم من اللمم، وهو ما لأحد فيه، وما لم يتهدد بالنار عليه، فقد روي هذا عن أبي هريرة وغيره. وكان عبد الرزاق رضي الله عنه يقول: الكبائر إحدى عشرة، وهذا أكثر ما قيل في جملة عددها مجملاً وقيل: إنها مبهمة لا يعرف حقيقة عددها، كإبهام ليلة القدر، وساعة يوم الجمعة، والصلاة الوسطى، ليكون الناس على خوف ورجاء، فلا يقطعون بشيء، ولا يسكنون إلى شيء. وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه فيها قولاً حسناً من طريق الاستنباط. وقد سئل عن الكبائر فقال: اقرأ من أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها عند قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} فكل ما نهى عنه من أول السورة إلى ها هنا فهو من الكبائر. فأشبه هذا استدلالاً قول ابن عباس في استنباط ليلة القدر إنها ليلة سبع وعشرين أنه عد كلم سورة القدر حتى انتهى إلى قول (هي) فكان سبعاً وعشرين كلمة، والله أعلم بحقيقة هذين القولين.
قال أبو طالب المكي: والذي عندي في جملة ذلك مجتمعاً من المفرق سبع عشرة، تفصيلها: أربعة من أعمال القلوب وهن الشرك بالله تعالى، والإصرار على معصية الله تعالى، والقنوط من رحمة الله تعالى، والأمن من مكر الله تعالى، وأربعة في اللسان وهن شهادة الزور، وقذف المحصن، واليمين الغموس، والسحر - وثلاثة في البطن وهي شرب الخمر والسكر من الأشربة، وأكل مال اليتيم

<<  <  ج: ص:  >  >>