للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الريح - بذلك المخالط؛ ثانيهما: أن يكون المخالط من الأشياء التي تسلب طهورية الماء وفي هذه الأشياء تفصيل المذاهب (١) .


(١) الحنفية قالوا: الأشياء التي تسلب طهورية الماء، وتجعله طاهراً فقط. تنقسم إلى قسمين جامد، ومائع؛ فأما الجامد فإنه يسلب طهورية الماء في حالتين: الحالة الأولى أن يخالط الماء شيء يخرجه عن رقته وسيلانه، مثلاً إذا وضع في الماء طين، فأخرجه عن رقته وسيلانه، فإنه لا يصح التطهير به ومن ذلك ما يبقى في قاعِ الأحواض عند جفافها، من الماء المخلوط بالطين، فإنه لا يصح التطهير به إذا خرج عن رقته وسيلانه، الحالة الثانية: أن يخالطه شيء يطبخ فيه، وفي هذه الحالة لا يصح التطهير به، ولم لم يخرج عن رقته وسيلانه، ومثلاً إذا وضع في الماء الطهور عدس، ليطبخ فيه، ثم غلا مرتين بحيث تغير الماء به، ولكنه لم يطبخ، فإنه لا يصح التطهير به، ولم لم يخرج عن رقته وسيلانه، وقد يقع مثل ذلك في الصحراء، عند قلة الماء، إلا أنه يستثنى من هذه الحالة ما تغير بالصابون، ونحوه، من الأشياء التي تستعمل للتنظيف؛ فإذا غليت في الماء، وغيرت لونه، أو طعمه، أو ريحه، فإنه لا يخرج بذلك عن كونه طهوراً، إلا إذا طبخت فيه، فخرج بذلك عن رقته وسيلانه؛ وأما المائع، فإنه إذا خالط الماء، كان على ثلاث صور: الصورة الأولى أن يكون ذلك المائع موافقاً للماء في أوصافه الثلاثة: الطعم، واللون، والريح، كماء الورد الذي ذهبت ريحه، والماء المستعمل، وحكم هذه الصورة أن ينظر للغالب، فإن كانت الغلبة للماء، فهو طهور، وإن كانت للمخالط، فالماء طاهر غير طهور، ويلحق بالغالب المساوية مثلاً إذا توضأ جماعة من حوض صغير - كالميضأة - فإن كان الماء المستعمل الذي انفصل عن أعضاء الوضوء، ورجع إلى الماء الموجود في ذلك الحوض قل من الماء الذي لم يستعمل، فإنه لا يضر، أما إذا كان مساوياً له، أو أكثر منه، فإن الماء الموجود في ذلك الحوض جميعه يصير مستعملاً؛ الصورة الثانية: أن يكون ذلك المائع الذي خالط الماء الطهور مخالفاً للماء في جميع أوصافه، وهي اللون، والطعم، والرائحة، وذلك كالخل، فإن له طعماً، ولوناً ورائحة، وكلها مخالفة للماء في الوصف، فإذا سقطت كمية من الخل في الماء فإن ظهرت فيه أكثر أوصاف الخل، كالطعم، واللون معاً، كان الماء طاهراً غير طهور، فلا يصح استعماله في العبادات، ولكن يصح استعماله في الطبخ ونحوه أما إذا ظهر في الماء وصف واحد من أوصاف الخل، فإنه لا يخرجه عن طهوريته، الصورة الثانية: أن يكون ذلك المائع المخالط، مخالفاً للماء في بعض أوصافه دون البعض، وذلك كاللبن فإن له طعماً ولوناً، ولا رائحة له فإذا خالط شيء منه الماء، فإن الماء يصير طاهراً غير طهور، بظهور وصف واحد منه فقط، مثال ذلك ما قد يقع مع - الفلاحين - الذين يضعون اللبن في الآنية، وهم في المزارع البعيدة عن الماء، ثم يضعون الماء في تلك الآنية قبل تنظيفها جيداً، فيظهر أثر اللبن في الماء فمتى ظهر لون اللبن في الماء فإنه يخرج عن طهوريته، ويكون طاهراً فقط. المالكية قالوا: تسلب طهورية الماء، ويصير طاهراً فقط بثلاثة أمور:
أحدها: أن يختلط بالماء شيء طاهر فيتغير به أحد أوصافه الثلاثة: طعمه، أو لونه، أو ريحه، ولو كان ذلك الريح غير ظاهر بالماء، وإنما يسلب الطهورية بشروط: الأول: أن يكون ذلك الشيء ليس لازماً للماء، بل يفارقه في غالب الأوقات، الثاني: أن لا يكون من أجزاء الأرض: الثالث: أن لا=

<<  <  ج: ص:  >  >>