للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وضوء، فيصح أو يصلي غيره إن لم ينتظر زوال عذره في زمن قريب، وإلا وجب انتظاره؛ والقرب مقدار صلاة الركعتين الأوليين من العشاء وقراءتهما: الرابع الخطبتان، وقد تقدم الكلام عليهما؛ الخامس: الجامع، فلا تصح الجمعة في البيوت ولا في أرض براح مثلاً، ويشترط في الجامع شروط أربعة الأول: أن يكون مبنياً، فلا تصح في مسجد حوط عليه بأحجار أو طوب من غير بناء؛ الثاني: أن يكون بناؤه مساوياً على الأقل للبناء المعتاد لأهل البلد، فلو كان البلد أخصاصاً صح بناء المسجد من البوص؛ الثالث: أن يكون في البلد أو قريباً منها، بحيث يصل إلى المكان المقيم به دخان البلد التي تقام فيها الجمعة، الرابع: أن يكون المسجد واحداً فلو تعددت المساجد في البلد الواحد فلا يصح إلا في الجامع القديم، على التفصيل الذي تقدم في "مبحث تعدد المساجد".
الشافعية قالوا: تنقسم شروط الجمعة إلى قسمين: شروط وجوب: وشروط صحة، فأما شروط وجوبها الزائدة على ما تقدم في شروط وجوب الصلاة، فمنها الشروط التي ذكرها المالكية إلى الشرط العاشر، فمنهم متفقون معهم في أن الجمعة لا تجب على المريض والمقعد والأعمى إلا بالشروط التي ذكرها المالكية في شرائط الوجوب، وكذا لا تجب في حال البرد والحر الشديدين جداً، كما يقول المالكية، ومثلهما المطر والوحل والخوف من عدو ظالم أو حاكم ظالم كذلك، وكذا لا تجب على من خاف ضياع مال، سواء كان مجحفاً به أو لا، خلافاً للمالكية في ذلك، وكذا لا تجب على من خاف على عرضه أو نفسه، كما لا تجب على المرأة والرقيق، ولكنها تصح منهما، وقد وافق الحنابلة على هذه الشروط أيضاً، إلا أن الحنابلة قالوا: لا تجب على الأعمى، إلا إذا وجد قائداً أو ما يقوم مقامه من علامة يستند إليها حتى يصل إلى المسجد، كجدار يمكنه أن يستند إليه أو حبل يمسكه أو نحو ذلك، وقد عرفت أن الحنفية يقولون: تسقط عن المريض الذي يتضرر بالذهاب لحضورها ماشياً، فإن عجز عن ذلك سقطت عنه، وإن وجد من يحمله باتفاق، أما الأعمى ففيه خلاف، فبعضهم يقول: تسقط عنه، ولو وجد قائداً متبرعاً، ومنهم من يقول: إذا قدر الذهاب ولو بقائد متبرع أو بأجر يقدر عليه فإن الذهاب يجب عليه. كما تقدم في شرائط الوجوب عند الحنفية، وقد وافق الحنفية جميع الأئمة على أن الجمعة لا تجب على من خاف من ظالم يعتدي على ماله أو عرضه أو نفسه، بشرط أن يكون ضياع ماله مجحفاً به، كما يقول المالكية، والحنابلة، خلافاً للشافعية، أما إن كان ظالماً، فإن الجمعة لا تسقط عنه بالخوف من القصاص.
ومن شروط وجوب الجمعة عند الشافعية الإقامة بمحل الجمعة أو بمحل قريب منه، كما يقول غيرهم من الأئمة، إلا أن لهم في ذلك تفصيلاً، وهو أنهم يشترطون فيمن كان مقيماً بمحل قريب من محل الجمعة أن يسمع الأذان أو النداء، فلا تجب الجمعة على من كان مقيماً بمكان بعيد لا يسمع أهله النداء، إلا إذا بلغ عددهم أربعين، فتجب عليهم في هذه الحالة إقامة الجمعة بمحلهم.
ولا يلزمهم السعي للبلد القريب منهم، ولا يشترط في وجوب الجمعة الاستيطان، وهو الإقامة على التأبيد، بحيث لا يرحلون عن محلهم صيفاً أو شتاءً إلا لحاجة، كالمعتاد في القاطنين ببلد، وإنما

<<  <  ج: ص:  >  >>