المالكية قالوا: يحرم الكلام حال الخطبة وحال جلوس الإمام على المنبر بين الخطبتين، ولا فرق في ذلك بين من يسمع الخطبة وغيره، فالكل يحرم عليه الكلام، ولو كان برحبة المسجد أو الطرق المتصلة به، وإنما يحرم الكلام المذكور ما لم يحصل من الإمام لغو في الخطبة، كأن يمدح من لا يجوز مدحه أو يذم من لا يجوز ذمه، فإن فعل ذلك سقطت حرمته، ويجوز الكلام حال جلوسه على المنبر قبل الشروع في الخطبة وفي آخر الخطبة الثانية عند شروع الخطيب في الدعاء للمسلمين أو لأصحاب الرسول عليه السلام أو الخليفة، ومن الكلام المحرم حال الخطبة ابتداء السلام ورده على من سلم، ومنه أيضاً نهي المتكلم حال الخطبة. وكما يحرم الكلام تحرم الإشارة لمن يتكلم ورميه بالحصى ليسكت؛ ويحرم أيضاً الشرب وتشميت العاكس، لكن يندب للعاطس والإمام يخطب أن يحمد الله سراً، وكذلك إذا ذكر الخطيب آية عذاب أو ذكر النار مثلاً، فإنه يندب للحاضر أن يتعوذ سراً قليلاً، وإذا دعا الخطيب ندب للحاضر التأمين، ويكره الجهر بذلك، ويحرم الكثير منه ومثل التأمين التعوذ والاستغفار والصلاة على النبي عليه السلام إذا وجد السبب لكل منهما، فيندب كل منهما سراً إذا كان قليلاً، وأما التنفل فيحرم بمجرد خروج الإمام للخطبة، والقاعدة أن خروج الخطيب يحرم الصلاة، وكلامه يحرم الكلام. الشافعية قالوا: من كان قريباً من الخطيب بحيث لو أنصت يسمعه يكره له تنزيهاً أن يتكلم أثناء أداء الخطيب أركان الخطبة، وإن لم يسمع بالفعل، وقيل: يحرم؛ أما ما زاد على أركان الخطبة فإنه لا يكره الكلام في أثناء أدائه، كما لا يكره الكلام قبل الخطبة، ولو خرج الإمام من خلوته ولا بعدها قبل إقامة الصلاة ولا بين الخطبتين، وكذا لا يكره كلام من كان بعيداً عنه، بحيث لو أنصت لا يسمع؛ ويسن له حينذاك أن يشتغل بالذكر، ويستثنى من كراهة الكلام المذكور أربعة أمور: الأول: تشميت العاطس، فإنه مندوب؛ الثاني: رفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكر اسمه الكرم من غير مبالغة في رفعه، فإنه مندوب أيضاً؛ الثالث: رد السلام، فإنه واجب، وإن كان البدء بالسلام على