الحنفية قالوا: صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة سنة عين مؤكدة، وإن شئت قلت هي واجبة، لأن السنة المؤكدة هي الواجب على الأصح؛ وقد عرفت أن الواجب عند الحنفية أقل من الفرض، وأن تارك الواجب يأثم إثماً أقل من إثم تارك الفرض، وهذا القول متفق مع الرأي الأول للمالكية الذين يقولون: إنها سنة عين مؤكدة: ولكنهم يخالفونهم في مسألة قتال أهل البلدة من أجل تركها، وإنما تسن في الصلاة المفروضة للرجال العقلاء الأحرار، غير المعذورين بعذر من الأعذار الآتية. إذا لم يكونوا عراة، وسيأتي بيان الجماعة في حَق النساء والصبيان، وباقي شروط الإمامة. الشافعية قالوا: في حكم صلاة الجماعة في الصلوات الخمس المفروضة أقوال عندهم: الراجح منها أنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، فإذا أقيمت الجماعة في مسجد من مساجد البلدة سقطت عن باقي سكان البلدة، وكذا إذا أقامها جماعة في جهة من الجهات، فإنها تسقط عن باقي أهل الجهة. وبعض الشافعية يقول: إنها سنة عين مؤكدة، وهو مشهور عندهم، ومثل الصلوات الخمس في ذلك الحكم صلاة الجنازة، على أنهم قالوا: إن صلاة الجنازة تسقط إذا صلاها رجل واحد أو صبي مميز، بخلاف ما إذا صلتها امرأة واحدة، كما سيأتي في مباحث "صلاة الجنازة".