هذا، وإذا توضأ، أو اغتسل من ماء قليل، ثم نوى الاغتراف من ذلك الماء، فإنه لا يستعمل، ومحل نية الاغتراف في الوضوء بعد غسل وجهه، بأن ينوي عند إرادة غسل اليدين، أما إذا نوى عند المضمضة، أو الاستنشاق، أو عند غسل وجهه، فإنها لا تجزئ، ومحلها في الغسل بعد أن ينوي الاغتسال وعند مماسة الماء لشيء من بدنه، فإذا لم ينو الاغتراف من الماء، بأن يقصد نقل الماء من محل لغسل بدنه في الغسل، وغسل أعضاء الوضوء في الوضوء، صار الماء القليل مستعملاً. وقوله في التعريف: "حقيقة، أو صورة" معناه: أنه لا فرق بين أن يكون المتوضئ مكلفاً، يجب عليه الوضوء حقيقة، أو يكون غير مكلف، فيكون وضوءه صورياً فقط. وقوله: "في نظر مستعمله" معناه: أن المتوضئ مثلاً إذا كان وضوءه صحيحاً في مذهبه، فإن ماء وضوئه يكون مستعملاً، ولو لم يكن الوضوء صحيحاً في مذهب الشافعي. فلو توضأ الحنفي بدون نية، كان وضوءه صحيحاً في نظر الحنفي، غير صحيح في نظر الشافعي، ومع ذلك يكون ماء ذلك الوضوء مستعملاً عند الشافعي. وقوله: "أو إزالة خبث" معناه: أن الماء الذي تزال به النجاسة يكون مستعملاً غير نجس، ولكن يشترط لطهارته شروط: إحداها: أن ينفصل الماء ظاهراً بعد غسل الثوب المتنجس مثلاً، بحيث لم يتغير أحد أوصافه بالخبث، بعد أن يطهر محل النجاسة من الثوب: ثانيها: أن لا تزيد زنة الماء المنفصل عن المحل المتنجس، بعد إسقاط ما يتشربه المغسول من الماء، وإسقاط ما يتحلل من الأوساخ في الماء عادة، مثال ذلك أن يغسل الثوب المتنجس بملء - صفيحة، أو حلة - من ماء قيمته عشرة أرطال، فيشرب الثوب منها عشرها - رطلاً - ويتحلل من أوساخ الثوب ربع رطلٍ مثلاً، فإذا كانت زنة الماء المنفصل تسعة أرطال، وربع، أو أقل، كان الماء طاهراً، وإلا كان نجساً. ثالثها: أن يمر الماء على النجاسة وقت تطهيرها، فلو لم يمر على النجاسة، ولم يخالطها، كان غير مستعمل. هذا، وقد يقال: إنه لا حاجة إلى مثل هذا الكلام في هذا العصر الذي تكاد تكون أنابيب المياه عامة في كل الجهات، والجواب: أن الشريعة الإسلامية لم تختص بزمان، أو مكان، ومما لا ريب فيه=