للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وقت القبض، فيجب أداء الزكاة بمجرد القبض، بلا خلاف، أما الدين المتوسط، فإنه لا تجب فيه الزكاة إلا إذا قبض منه نصاباً، فإذا كان الدين خمسمائة درهم مثلاً، وقبض مائتين، وجب عليه أن يخرج خمسة دراهم، ولا يجب عليه فيما دون ذلك،
كما تقدم، والدين المتوسط مثل الدين القوي في حولان الحول عليه، فيعتبر حوله بحسب الأصل، لا من وقت القبض في الأصح؛ وأما الدين الضعيف فإنه يجب أداء الزكاة فيه بقبض نصاب منه؛ بشرط أن يحول عليه الحول من وقت القبض.
وهذا كله إذا لم يكن عنده ما يبلغ نصاباً سوى مال الدين: أما لو كان عنده مال يبلغ ذلك، ثم قبض من الدين شيئاً، سواء كان كان ما قبضه قليلاً، أو كثيراً، وسواء أكان الدين قوياً أم متوسطاً أم ضعيفاً؛ فإنه يجب ضم ما قبضه من الدين إلى ما عنده من المال، وإخراج زكاة الجميع، لأن المقبوض من الدين في هذه الحالة يكون كالمال الذي استفاده في أثناء السنة، وقد علمت أنه يجب ضمه إلى الأصل.
الحنابلة قالوا: تجب زكاة إذا كان ثابتاً في ذمة المدين، ولو كان المدين مفلساً، إلا أنه لا يجب إخراج زكاته إلا عند قبضه، فيجب عليه إخراج زكاة ما قبضه فوراً إذا بلغ نصاباً بنفسه، أو بضمه إلى ما عنده من المال، ولا زكاة في الديون التي لم تكن ثابتة في ذمة المدين.
المالكية قالوا: من ملك مالاً بسبب ميراث أو هبة أو صدقة أو خلع أو بيع عرض مقتنى، كأن باع متاعاً أو عقاراً أو أرش جناية - تعويض - ولم يضع عليه يده، بل بقي ديناً له عند واضع اليد، فإن هذا الدين لا تجب فيه الزكاة إلا بعد أن يقبضه ويمضي عليه حول من يوم قبضه مثال ذلك: رجل ورث مالاً من أبيه، وعينت له المحكمة حارساً قبل أن يقبضه لسبب من الأسباب، واستمر ديناً له أعواماً كثيرة، فإنه لا يطلب بزكاته في كل هذه الأعوام، ولو أخره فراراً من الزكاة، فإذا قبضه، ومضى عليه حول بعد قبضه وجبت عليه زكاة ذلك الحول ويحتسب من يوم القبض، ومن كان عنده مال مقبوض بيده وأقرضه لغيره، وبقي عند المدين أعواماً كثيرة فإنه تجب عليه زكاة عام واحد، إلا إذا أخره قصداً، فراراً من الزكاة فإن تجب عليه زكاته في كل الأعوام التي قصد تأخيره فيها ويحتسب عام زكاة هذا المال من يوم الملك أو من يوم تزكيته، إن كان قد زكاه قبل إقراضه، فإذا ملك شخص مالاً، ومكث معه ستة أشهر، ثم أقرضه لآخر، فمكث عنده ستة أشهر أخرى فإنه تجب فيه الزكاة عن هذا الحول لأنه يحتسب من يوم الملك، أما إذا مكث بيده سنة، ثم زكاه وأقرضه لآخر، فإن الحول يحتسب من يوم تزكيته، وإنما تجب الزكاة في هذا الدين بشروط أربعة:
أولاً: أن يكون أصله - وهو ما أعطاه للمدين - عيناً، ذهباً أو فضة، أو عرض تجارة لمحتكر - التاجر المحتكر هو الذي لا يبيع ولا يشتري بالسعر الحاضر، وإنما يحبس السلع عنده رجاء ارتفاع الأسواق -، مثال ما أصله عين أن يكون عنده عشرون جنيهاً، فيسلفها لغيره، ومثال ما أصله عرض تجارة لمحتكر أن يكون عنده ثياب للتجارة، وهو محتكر - فيبيعها لغيره بعشرين جنيهاً مؤجلة إلى عام أو أكثر، فإن كان أصل الدين عرضاً للقنية، ولم ينوبه التجارة، كما إذا كان عنده داراً اتخذها لسكناه،

<<  <  ج: ص:  >  >>