الفرض السادس: الترتيب بين الأعضاء الأربعة المذكورة في القرآن الكريم، فيغسل أولاً وجهه، ثم يديه إلى مرفقيه، ثم يمسح رأسه ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، فإذا قدم أو أخر واحداً عن الآخر في هذا التريب بطلوضوءه، وقد وافقهم على ذلك الحنابلة، أو المالكية، والحنفية فقالوا: إن الترتيب بين هذه الأعضاء سنة لا فرض. وبذلك تعلم أن فرائض الوضوء عند الشافعية ستة، وهي: النية، وغسل الوجه، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح بعض الرأس، وغسل الرجلين مع الكعبين، والترتيب. الحنابلة قالوا: فرائض الوضوء ستة. الأول: غسل الوجه، وهم متفقون في حده طولاً وعرضاً، مع المالكية، فقد قالوا: إن شعر الصدغين، والبياض الذي فوق وتدي الأذنين من الرأس لا من الوجه، فالواجب مسحهما لا غسلهما على أنهم خالفوا جميع الأئمة في داخل الفم والأنف، فقالوا: إنهما من الوجه، يفترض غسلهما بالمضمضة والاستنشاق، وكذلك اختلفوا مع سائر الأئمة في النية، فقد قالوا: إنها شرط لصحة الوضوء، فلو لم ينو، لم يصح وضوءه، وإن كانت ليست فرضاً داخلاً في حقيقة الوضوء، وقد عرفت أن المالكية، والشافعية قالوا: إنها فرض، والحنفية قالوا: إنها سنة. الثاني: غسل اليدين مع المرفقين، فيجب غسل اليد من أولها إلى نهاية عظمه الذراع البارزة كما ذكر الحنفية، وغيرهم ويجب غسل تكاميش الأصابع وغسل ما تحت الأظافر الطويلة، التي تستر رؤوس الأنامل، ويعفى عن وسخ الأظافر إذا كان يسيراً. الثالث: مسح جميع الرأس، ومنها الأذنان، فيفترض مسحهما مع الرأس، فالحنابلة متفقون مع المالكية على ضرورة مسح جميع الرأس، من منابت شعرها المعتاد، إلى نقرة القفا، وإذا طال شعر الرأس فنزل إلى العنق، أو الكتف، فإنه لا يجب إلا مسح ما حاذى الرأس، أما ما نزل عنها فإنه لا يجب مسحه، خلافاً للمالكية القائلين بضرورة مسح الجميع، وقد خالفوا المالكية أيضاً. كما خالفوا غيرهم من المذاهب في اعتبار الأذنين جزءاً من الرأس، وغسل الرأس يجزئ عن مسحها، كما قال غيرهم، بشرط إمرار اليد على الرأس، وهو مكروه، كما عرفت. الفرض الرابع: غسل الرجلين مع الكعبين، وهما العظمان البارزان في أسفل الساق، فوق القدم؛ ويجب فيهما ما تقدم تفصيله في المذاهب الأخرى. الفرض الخامس: الترتيب، فيجب أن يغسل الوجه قبل الذراعين، ويغسل الذراعين قبل أن يمسح الرأس، ويمسح الرأس قبل أن يغسل الرجلين، فإذا خالف هذا الترتيب بطل وضوءه وهم متفقون في هذا مع الشافعية، فإنك قد عرفت أنهم عدوا الترتيب فرضاً، أما المالكية، والحنفية فإنهم