هذا إذا كان بعيداً عن مكة بثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريباً منها، فإنه يجب الحج عليه، وإن لم يقدر على الراحلة، متى قدر على المشي. وعلى الزاد الفاضل عما تقدم. ومن شروط الوجوب: العلم بكون الحج فرضاً بالنسبة لمن كان في غير بلد الإسلام، فمن نشأ في غير بلد الإسلام، ولم يخبره بفرضية الحج رجلان، أو رجل وامرأتان، فلا يجب عليه الحج، أما من كان في دار الإسلام، فإنه يجب عليه الحج، ولو لم يعلم بفرضيته؛ سواء نشأ مسلماً أو لا. هذه هي شروط وجوب الحج عند الحنفية، وهناك شروط أخرى يقال لها: شروط الأداء، لأن الحنفية يفرقون بين الوجوب وبين الأداء، كما تقدم في "مباحث الصلاة"، وهذه الشروط اربعة: أحدها. سلامة البدن، فلا يجب على مقعد، ومفلوج، وشيخ لا يثبت على الراحلة ونحو ذلك، وهؤلاء لا يجب عليهم تكليف غيرهم بالحج عنهم أيضاً؛ ويلحق بهم المحبوس والخائف من السلطان الذي يمنع الناس من الحج، أما الأعمى القادر على الزاد والراحلة، فإن لم يجد قائداً للطريق، فإنه لا يجب عليه الحج بنفسه، ولا بغيره؛ وإن وجد قائداً وجب عليه أن يكلف غيره بالبحج عنه؛ ثانيها: أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة، سواء كان ذلك بحراً أو براً، ثالثها: وجود زوج أو محرم للمرأة، لا فرق بين أن تكون المرأة شابة أو عجوزاً إذا كان بينها وبين مكة ثلاثة أيام، فأكثر؛ أما إذا كانت المسافة أقل من ذلك، فيجب عليها أداء الحج وإن لم يكن معها محرم ولا زوج؛ والمحرم هو الذي لا يحل له زواجها بسبب النسب أو المصاهرة أو الرضاع ويشترط فيه أن يكون مأموناً عاقلاً بالغاً، ولا يشترط كونه مسلماً؛ رابعها: عدم قيام العدة في الحنفية قالوا: المرأة، فلا تخرج إلى الحج إذا كانت معتدة من طلاق أو موت. المالكية قالوا: الاستطاعة هي إمكان الوصول إلى مكة ومواضع النسك إمكاناً مادياً، سواء كان ماشياً أو راكباً، وسواء كان ما يركبه مملوكاً له أو مستأجراً؛ ويشترط أن لا تلحقه مشقة عظيمة بالسفر، فمن قدر على الوصول مع المشقة الفادحة، فلا يكون مستطيعاً، ولا يجب عليه الحج، ولكن لو تكلفه، وتجشم المشقة أجزأه ووقع فرضاً، كما أن من قدر على الحج بأمر غير معتاد: كالطيران ونحوه