للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقت الفساد بالجماع وشروطه مختلفة في المذاهب، فانظرها تحت الخط (١) .


(١) المالكية قالوا: الجماع مفسد للحج. وهو أن يغيب الحشفة أو قدرها في قبل أو دبر آدمي أو غيره. سواء كان الفاعل صغيراً أو كبيراً، وسواء كان المفعول به مطيقاً أو لا. فإذا كان الحاج متزوجاً بصغيرة مرافقة له في حجة. وفعل بها ذلك. بطل حجهما، والكبيرة من باب أولى، ولا فرق في بطلان الحج بذلك بين أن يكون ذاكراً، أو ناسياً أو جاهلاً، ومثل ذلك ما إذا أمنى بتقبيل أو مباشرة، أو نظر أو فكر، أو غير ذلك، إلا أنه يشترط في فساد الحج بالإنزال بسبب النظر أو الفكر أن يطلهما، أما الإمناء بمجرد النظر أو الفكر، فإنه لا يفسد. أما إذا أمنى بسبب القبلة، فإن حجه يفسد، ولو لم يكررها، فمن كانت معه زوجه في الحج فينبغي أن يتجنب مداعبتها أو تقبيلها في الوقت الذي يحظر الشارع فيه إتيان النساء: وإنما يفسد الحج بالجماع أو بإنزال المني بسبب من الأسباب المذكورة إن وقع قبل رمي جمرة العقبة، ووقت رميها هو يوم النحر قبل طواف الإفاضة.
وقبل مضي يوم النحر، ويفسد حجه بالجماع أو الإنزال المذكورين قبل رمي الجمرة المذكورة، سواء حصل قبل الوقوف بعرفة أو بعده؛ أما إذا جامع أو أخرج المني بسبب من الأسباب المذكورة بعد أن قام برمي جمرة العقبة، أو بعد طواف الإفاضة، أو بعد أن مضى يوم النحر، ولم يكن رمى ولا طاف، فإن حجة لا يفسد، ولكن يلزمه في هذه الأحوال ذبح فداء؛ فلا تحل النساء بجماع أو مقدماته، كما لا يحل عقد النكاح بعد رمي جمرة العقبة، ومن فعل ذلك فإن حجه لا يفسد، ولكن يكون قد فعل ما لا يحل، وعليه الفداء؛ أما إذا فعل ذلك بعد طواف الإفاضة، وقبل الحلق، فإنه يكون قد فعل ما هو حلال له، ولكن يلزمه هدي، فإذا فعل بعد الحلق فقد فعل ما هو حلال، ولا يلزم بشيء بعد ذلك؛ ويجب عليه الهدي أيضاً إذا أمذى، أو أخرج المني بمجرد نظر أو فكر بدون أن يستديمهما، ويجب على من فسد حجه إتمامه، فلو ترك إتمام الحج لظنه أنه خرج من الإحرام يبقى على إحرامه، فلو أحرم في العام القابل إحراماً جديداً كان إحرامه لغواً، ويتم إحرامه الذي أفسده.
هذا، ومن فسد حجه بجماع أو غيره فإنه يجب عليه أربعة أشياء: الأول: إتمام الحج الذي أفسده؛ الثاني: قضاؤه فوراً متى كان قادراً، فإن أخر قضاءه أثم؛ الثالث: نحر هدي من أجل إفساد الحجر؛ أن يؤخر نحر الهدي لزمن القضاء.
الحنفية قالوا: يفسد الحج بالجماع، بشرط أن يكون قبل الوقوف بعرفة؛ أما إذا أتى زوجته بعد الوقوف قبل أداء الركن الثاني وهو طواف الزيارة، فإن حجه لا يفسد، وذلك لأن الحج عند الحنفية لا يكون قابلاً للفساد بعد الوقوف بعرفة؛ ولا فرق في الفساد بالجماع بين أن يكون ناسياً أو عامداً، مستيقظاً أو نائماً، مختاراً أو مكرهاً، فمن أتى زوجته وهو نائم، أو هي نائمة، فإن حجهما يفسد، نعم يشترط لفساد الحج بالجماع أن يكون بالغاً عاقلاً، فإذا جامع الصبي، أو المجنون امرأة عاقلة فسد حجمها دونهما، وكذا إذا جامع البالغ صغيرة أو مجنونة فسد حجه دونهما، ولا يشترط في الفساد الإنزال، بل يفسد الحج بمجرد تغيب الحشفة في القبل أو الدبر، سواء حصل إنزال أو لا، ومن فسد

<<  <  ج: ص:  >  >>