للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسن للمسلم أن يبدأ من لقيه بالسلام قبل كل كلام. فإذا التقى اثنان ونطق كل منهما بالسلام وجب الرد على كل واحد منهما لصاحبه، وأن يرفع صوته به حتى يسمعه من سلم عليهم سماعاً محققاً. ويسن أن يسلم الرجل على أهل بيته كلما دخل عليهم، وإذا دخل داراً خالياً من الناس فإنه يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. ويسن أن يسلم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والقائم على القاعد، والقليل على الكثير، وإذا حصل عكس ذلك حصلت سنة السلام ووجب الرد، ولكن تفوت أفضلية الترتيب.

وإذا أرسل غائب سلامه لآخر فإنه يجب عليه أن يرد السلام، ويستحب أن يبدأ في رده بالرسول المبلغ فيقول: وعليك وعليه السلام، وكذا يجب الرد إذا أرسل له سلاماً في كتاب، ويكره (١) للرجل أن يسلم على امرأة أجنبية إلا إذا كانت عجوزاً أو شابة دميمة لا تشتهى، أما المحارم فإنه يسن له أن يسلم عليهن كما يسلم على أهله. ويكره السلام في الحمام، وعلى العاري. وعلى كل مشغول بأمر قد يصرفه عن الإجابة حتى لا يقع في الإثم بترك الرد. فيكره السلام عند تلاوة القرآن جهراً (٢) وعند استذكار العلم، وحال الأذان (٣) والإقامة، وعلى القاضي في مجلس القضاء، وعلى الواعظ حال إلقاء عظته، ولا يجب عليهم الرد إذا سلم عليهم أحد. وإذا خص واحداً بعينه بالسلام من بين الجماعة كأن يقول: السلام عليك يامحمد مثلاً، فإن وقع ذلك فإنه يفترض على محمد المسلم عليه أن يرد السلام بنفسه، فلورد أحد الحاضرين لم يسقط عنه الفرض. أما إذا قال: السلام عليك وأشار إلى محمد بدون تسميته فرد أحد الحاضرين فإن الفرض يسقط لأن الإشارة تحتمل أن تكون لهم جميعاً وكذا إذا قال: السلام عليك بدون إشارة. فإنه إذا رد واحد سقط عن الباقين، لأنه يصح أن يخاطب الجماعة


(١) الشافعية - قالوا: إذا كانت الشابة منفردة في مكان وحدها فإنه يكره أن يلقي عليها الرجل سلاماً كما يحرم عليها أن تجيب أو تلقي سلاماً، سواء كانت دميمة تشتهي أولا، وإنما العجوز هي التي في حكم الرجل، أما إذا كانت المرأة مع غيرها رجالاً أو نساء فإن حكمها كحكم الرجل في السلام والرد
(٢) الشافعية والمالكية - قالوا: لا يسن السلام على قارئ القرآن مطلقاً، وكذا المشتغل بالذكر والدعاء والصلاة والأكل والشرب
(٣) الشافعية - قالوا: لا يكره السلام حال الأذان والإقامة، ولا على القاضي في مجلس القضاء، ولا غيرهم ممن ذكروا، ولم يستثنوا أحداً من الذين يسن في حقهم البدء بالسلام سوى ما تقدم من الشابة المنفردة، فإنه يحرم السلام منها وعليها، وكما يحرم على الرجل وكذلك الفاسق المجاهر؛ فإنه يحرم بدؤه بالسلام؛ ومثل الشابة: الخنثى المعروف؛ ومن يسمع الخطيب فإن السلام يكره عليه؛ وإذا سلم عليه، فإنه يجب عليه الرد

<<  <  ج: ص:  >  >>