للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإذا حلف لا يسكن هذه الدار أو الحارة فخرج وترك أهله ومتاعه، فإن كان ما تركه في الدار يمكن أن يسد حاجته المنزلية فإنه يحنث، أما إن ترك شيئاً يشيراًلا تقوم به السكنى فإنه لا يحنث، وهذا القول هو الذي عليه الفتوى، ولو كان ساكناً تبعاً لغيره كالولد مع والده فإنه يبر بخروجه وحده، وكذا إذا أبت الزوجة الخروج معه وغلبته فإنه يبر بخروجه وحده. ويعذر إذا لم يمكنه لخروج لخوف لص أو نحوه، فلا يحنث إذا أمكث لذلك. وكذا إذا أغلق الباب ولم يمكنه فتحه، أو اشتغل بطلب دار أخرى، أو بقي أياماً ينقل أمتعته فإنه لا يحنث ولو أمكنه أن يكتري دابة ينقل عليها متاعه.
وإذا حلف لا يدخل دار فلان وله دور متعددة فدخل في أحدها وهي غير مسكونة ففي ذلك روايتان: الأولى أنه يحنث مطلقاً لأنه دخل داراً مملوكة له فهي منسوبة له وإن كان لا يسكنها. الثانية أنه لا يحلف إذا كانت مستأجرة لغيره، لأن الإضافة تبطل بالإجارة والتسليم كما تبطل بالبيع عند من يقول ذلك، أما إذا لم تكن مسكونة لغيره فإنه يحنث بالدخول فيها على أي حال، لأن إضافتها إليه باقية. وإذا حلف لا يدخل دار زيد فمات فدخلها بعد موته فإنه لا يحنث، لأنها انتقلت للورثة فلم تعد مملوكة له ولو كان عليها دين مستغرق لها على المفتى به، لأنها وإن بقيت حكم ملك الميت بالدين ولكن لم تكن مملوكة له من كل وجه. وإذا تهيأت امرأته للخروج كأن لبست الثياب المعدة له فقال: إن خرجت فأنت طالق، فرجعت وجلست حتى مضت ساعة ثم خرجت بعد ذلك فإنه لا يحنث، سواء غيرت هيئتها التي أرادت الخروج عليها كأن خلعت ثياب الخروج أو لم تغيرها. أما إذا كانت في دار أبيها فقال لها: إن لم تقومي وتذهبي إلى دارنا الساعة فأنت طالق، فقامت لساعتها ولبست ثياب الخروج وخرجت ثم رجعت وجلست حتى خرج الزوج فخرجت بعده إلى دارها فإنه لا يحنث.
والفرق بين الحالتين: أن المحلوف عليه في الحالة الأولى عدم الخروج وهو ترك فيتحقق ضده وهو البقاء في المنزل على وجه الإعراض عنه، فإذا جلست معرضة عن الخرجة التي حلف عليها لا يحنث لتحقق عدم الخروج، سواء غيرت الهيئة أو لا، بخلاف الحالة الثانية؛ فإن المحلوف عليه فيها الذهاب إلى الدار وهو مثبت لا يتحقق إلا بفعله، والمطلوب منه الفعل إذا تهيأ له وجلس منتظراً له عازماً عليه لا يكون معرضاً عنه بل هو فاعل حكماً، لكن بشرط أن تبقى الهيئة الدالة له وجلس منتظراً له عازماً عليه لا يكون معرضاً عنه بل هو فاعل حكماً، لكن بشرط أن تبقى الهيئة الدالة على أنه في حكم الفاعل وأنه لم يعرض الفاعل؛ وإذاغير هيئته فقد أعرض عن الفعل ظاهراً.
وهذه اليمين تسمى يمين الفور، ويقدر الفور بساعة، فأقسام اليمين من حيث فعل المحلوف عليه وعدمه ثلاثة: مؤبدة "وتسمى مطلقة" لفظاً ومعنى مؤقتة كذلك. ومؤبدة لفظاً مؤقتة معنى وهي عين الفور، فيتقيد بالحال بناء على أمر حالي كما مثل، أو تقع جواباً لكلام يتعلق بالحال كما إذا قال له شخص: تعالى تغد معي، فقال له: إن تغديت فامرأتي طالق، فلفظ هذا اليمينمطلق غير مؤقت بوقت، ولكن معناه مقيد بالحال، لأنه واقع في جواب تغدو معي فلا يحنث إلا إذا تغدى معه. أما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>