للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثالث: من النواقض التي يترتب عليها الخروج من أحد السبيلين: المس باليد. وحكم هذا فيه تفصيل. وهو أنه لا يخلو إما أن يمس بها نفسه أو غيره. فإن مس غيره كان لامساً. تجري عليه أحكام اللمس المتقدمة. أما إن مس نفسه، فإن المعتاد في مثل ذلك أن الإنسان لا يلتذ بمس جزء من أجزاء بدنه. ولكن قد ورد في الحاديث ما يدل على أن من مس ذكر نفسه انتقض وضوءه. وورد في البعض الآخر أن ذلك المس لا ينقض الوضوء ولذا اختلفت المذاهب في ذلك فمن قال: إن مس ذكر الإنسان نفسه لا ينقض. استدل بأحاديث: منها ما رواه أصحاب السنن. إلا ابن ماجة وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل يمس ذكره في الصلاة فقال: "هل هو إلا بضعة منك"، وهذا الحديث رواه ابن حبان أيضاً في "صحيحه" وقال الترمذي: إن هذا الحديث أحسن شيء يروى في هذا الباب: أما الذين قالوا: إن مس الذكر ينقض الوضوء، فقد استدلوا بأحاديث كثيرة: منها قوله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ" وقد أجمع الأئمة الثلاثة على أن مس الذكر ينقض "وخالف الحنفية في ذلك فقط"، فقالوا: إنه لا ينقض، وإليك تفصيل مذهبهم (١)


قبض المتوضئ على جسمه بيده، فإن وضوءه ينتقض؛ واختلفوا في لمس الشعر، فقال المالكية: إذا لمس الرجل شعر المرأة انتقض وضوءه إذا قصد لذة أو وجدها؛ لأن الشعر مما يتلذذ به بلا نزاع، بخلاف المرأة إذا لمست رجلاً بشعرها، فإن وضوءها لا ينتقض لأن شعرها لا تحس به، أما الحنابلة، والشافعية فقالوا: إن لمس الشعر لا ينقض) .
(١) الحنفية قالوا: إن مس الذكر لا ينقض الوضوء، ولو كان بشهوة، سواء كان بباطن الكف، أو بباطن الأصابع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة؟ فقال: "هل هو إلا بضعة منك، أو مضغة منك؟ "، ولكنه يستحب منه الوضوء، خروجاً من خلاف العلماء، لأن العبادة المتفق عليها خير من العبادة المختلف فيها، بشرط أن لا يرتكب مكروه مذهبه.
هذا وقد حمل بعض الحنفية المس في قوله صلى الله عليه وسلم: "من مس ذكره فليتوضأ" على الوضوء اللغوي، وهو غسل اليدين، فيندب له أن يغسل يديه من المس عند إرادة الصلاة، وكذلك لا ينتقض الوضوء لمس أي جزء من أجزاء بدنه، فلو مس حلقه دبره، فإن وضوءه لا ينتقض، وكذا إذا مست المرأة قبلها، ولكن لو أدخل غصبعه أو شيئاً - كطرف حقنة - وغيبها انتقض وضوءه، لأنها تكون بمنزلة دخول شيء في الباطن، ثم خروجه، فإن أدخل بعضها، ولم يغيبه، فإن أخرجها مبتلة، أو بها رائحة انتقض وضوءه، وإلا فلا، وكذلك المرأة إذا وضعت إصبعها، أو قطنة ونحوها في قبلها، فإن خرج مبتلاً انتقض الوضوء، وإلا فلا.
المالكية قالوا: ينتقض الوضوء بمس الذكر بشروط: أن يمس ذكر نفسه المتصل به. فلو مس

<<  <  ج: ص:  >  >>