ومنها الكسوة، فإذا حلف لا يلبس شيئاً أو لا يكسوه، سواء ذكر معيناً أو أطلق فإنه يحنث بفعل وكيله، وليس التكفين من الكسوة، فإذا حلف لا يكسوه فكفنه فإنه لا يحنث ومنها الحمل، فإذا حلف لا يحمل لزيد متاعاً أو غيره فإنه يحنث إذا حمله وكيله. ومثل العقود والأفعال التي لا يباشرها الإنسان بنفسه. بل يأمر غيره بفعلها كالبناء والخياطة ونحوهما، فإذا حلف لا يبني هذا الحائط، أو لا يخيطن هذا الثوب، أو لا يختتن، أو لا يحلق رأسه، أو لا يقلع ضرسه فأمر غيره بفعلها فإنه يحنث. الشافعية - قالوا: إذا حلف ليضربنه فإنه يبر إذا ضربه بيده، سواء كانت مفتوحة أو مضمومة، أو دفعه ولو بغير اليد ونحو ذلك مما يسمى ضرباً، أما إذا عضه أو خنقه أو قرصه أو نتف شعره أو وضع سوطاً عليه بدون ضرب فإنه لا يبر، ولا يشترط الإيلام بالفعل، بل الشرط أن يكون الضرب شديداً في نفسه وإن لم يتألم المضروب لمانع كحائل ثخين فوق جسمه، أما الضرب الخفيف فإنه لا يؤلم لا بالفعل ولا بالقوة، فلا يبر به بخلاف الحد والتعزير فإنه يشترط فيهما الإيلام بالفعل وإذا حلف ليضربنه ضرباَ شديداً ونحوه فإنه لا يبر إلا إذا آلمه بالفعل، وكذلك إذا نوى الضرب الشديد فإنه لا يبر إلا إذا ضربه ضرباً مؤلماً بالفعل. وإذا حلف ليضربنه "علقة" فإنه يبر إذا ضربه ضرباً يسمى علقة في العرف على الظاهر، لأن الأيمان بغير الطلاق مبنية على العرف كما تقدم. وإذا حلف ليضربنه مائة سوط أو خشبة فجمع مائة سوط أو خشبة وشدها وضربه بها ضربة واحدة فإنه يبر. وإذا حلف ليضربن مائة خشبة فضربه بعرجون عليه مائة غصن فإنه يبر أما إذا حلف ليضربنه مائة سوط فضربه بعرجون عليه مائة غصن فإنه لا يبر، لأن العرجون ليس من جنس السوط. وإذا شك في إصابة الكل لبدنه فإنه يعمل بالظاهر وهو إصابة الكل ويبر كذا إذا ترجح عدم إصابة الكل فإنه يبر أيضاً على المعتمد. لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة والإحالة على السبب الظاهر وهو الضرب، فإنه سبب ظاهر في انكباس الأسواط على البدن، والانكباس أمارة على إصابة الكل فيبر، ولو ترجح عدم إصابة الكل، أما إذا حلف ليضربنه مائة مرة فجمع مائة سوط وضربه بها مرة واحدة فإنه لا يبر لأنه في هذه الحالة لم يضربه إلا مرة وقد حلف ليضربنه مائة مرة فلا يبر. وإذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه منه ثم فارقه الحالف فإنه يحنث بشرطين الأول أن يكون مختاراً، فإنه أكره على مفارقته فإنه لا يحنث، الثاني أن يكون ذاكراً لليمين، فإذا نسي فإنه لا يحنث. أما إذا فارقه غريمه فإنه لا يحنث، وإن أذن له أو تمكن من اتباعه لأنه إنما حلف على فعل نفسه فلا يحنث بفعل غيره، ويحنث الحالف بمفارقته لغريمه على أي حال، فلو كان ماشيين ووقف الغريم وتركه الحالف وذهب فإنه يحنث، أو وقف الحالف فتركه الغريم وذهب فلم يتبعه فإنه يحنث. وكذا إذا فارقه بسبب ظهور فلسه أو فارقه بعد أن أحاله على من يسد عنه، وكذا يحنث إذا أبرأه من الحق ولو لم يفارقه. وكذا يحنث إذا عوضه عن حقه شيئاً أو ضمنه ضامن إذا كان عالماً بأن هذا لا يصح، أما إذا ضمنه ضامن أو عوضه عن حقه فظن صحة ذلك جهلاً منه فإنه لا يحنث، وإذا استوفى