للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقع ذلك كثيراً من الجهلة الذين يستولي عليهم الغضب الشديد فيسبون الدّين. وينطقون بكلمات مكفرة، بدون مبالاة، ثم يندمون بعد ذلك، فهؤلاء ينتقض وضوءهم إذا كانوا متوضئين، ولا يخفى أن هذا بعض عقوبات الردة الهينة، إذ لو علم الناس أن الردة تحبط الأعمال وتبطلها، لضبطوا أنفسهم، وحفظوا ألسنتهم من النطق بكلمات تضر كثيراً، ولا تنفع في شيء ما.

ولا ينتقض الوضوء بالقهقهة (١) في الصلاة، ولا بأكل لحم جزور - جمل أو قعود - ولا بتغسيل الميت (٢)

وكذا لا ينتقض الوضوء بالشك (٣) في الحدث، ولذلك صورتان: الصورة الأولى: أن يتوضأ بيقين، ثم يشك، هل أحدثت بعد ذلك الوضوء أو لا، وهذا الشك لا ينقض وضوءه، لأنه شك في حصول الحدث بعد الوضوء، والشك لا يزيل يقين الطهارة؛ الصورة الثانية: أن يتوضأ بيقين، ويحدث بيقين، ولكنه يشك، هل توضأ قبل الحدث، فيكون وضوءه قد انتقض بالحدث، أو توضأ بعد الحدث، فيكون وضوءه باقياً، وتحت هذه الصورة أمران: الأول: أن


الشافعية قالوا: الردة لا تنقض الوضوء إذا ارتد وهو صحيح من مرض السلس ونحوه، أما المريض بالسلس، فإن وضوءه ينتقض بالردة، وذلك لأن طهارته ضعيفة
(١) الحنفية قالوا: القهقهة في الصلاة تنقض الوضوء وقد وردت في ذلك أحاديث: منها ما رواه الطبراني عن أبي موسى، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، إذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد - وكان في بصره ضرر - فضحك كثير من القوم، وهم في الصلاة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء، ويعيد الصلاة، والقهقهة، بخلاف ما إذا ضحك بصوت يسمعه هو وحده، ولا يسمعه من بجواره فإن وضوءه لا ينتقض بذلك بل تبطل به الصلاة، وإنما ينتقض الوضوء بالقهقهة إذا كان المصلي بالغاً، ذكراً كان، أو امرأة، عامداً كان أو ناسياً؛ أما إذا كان صبياً، فإن وضوءه لا ينتقض بالقهقهة، ويشترط أيضاً أن تقع القهقهة في صلاة ذات ركوع وسجود، فإن كان في سجود تلاوة ونحوه، وقهقهة بطل سجوده، ولم ينتقض.
وإذا تعمد الخروج من الصلاة بالقهقهة بدل السلام انتقض وضوءه، وصحت صلاته، لأن الخروج من الصلاة يحصل عندهم بغير السلام، كما سيأتي، ومع هذا فإنه يكون قد أساء الأدب حال مناجاة ربه، وترك واجب السلام، كما ستعرفه في "كتاب الصلاة"
(٢) الحنابلة قالوا: ينتقض الوضوء بأكل لحم الجزور، وبتغسيل الميت) .
(٣) المالكية قالوا: ينتقض الوضوء بالشك في الحدث، أو سببه، كأنه يشك بعد تحقق الوضوء، هل خرج منه ريح، أو مس ذكره مثلاً أولا، أو شك بعد تحقق الناقض هل توضأ أو لا، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>