للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


جنسها واجب وهو الصلوات الخمس. وكذا إذا نذر أن يتصدق فإن الصدقة من جنسها واجب وهو الزكاة إلا الاعتكاف فإنه يجب عليه الوفاء بنذره، مع أنه ليس من جنسه واجب على التحقيق، لأن الإجماع منعقد على وجوب الوفاء بنذره.
وإذا لم يكن من جنس المنذور فرض أو واجب اصطلاحي فإنه لا يجب على الناذر الوفاء به. كعيادة المريض، ودخول المسجد ولو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو المسجد الأقصى، أو الحرم المكي، لأنه ليس من جنسه فرض؛ أما إذا نذر تكبيراً فإنه يجب الوفاء به، لأن التكبير من جنسه فرض وهي تكبيرة الإحرام. وكذا إذا نذر الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه يجب الوفاء به على الصحيح، لأنه من جنسها فرضاً وهو الصلاة عليه في العمر مرة. الثاني أن يكون المنذور عبادة مقصودة، فلا يصح النذر بما هو وسيلة كالوضوء، والاغتسال، ومس المصحف، والأذان، وتشييع الجنازة وعيادة المريض، وبناء المساجد وغير ذلك، فهذه الأمور وإن كانت قربة إلا أنها غير مقصودة لذاتها، بل المقصود هو ما يترتب عليها، فالضابط الكلي في صحة النذر: أن يكون المنذور عبادة مقصودة من جنسها فرض. الثالث: أن لا يكون المنذور معصية لذاته، فإذا نذر أن يقتل فلاناً أو يشرب الخمر أو يزني كان يميناً ولزمته الكفارة بالحنث. أما إذا نذر أن يصوم يوم عيد الفطر أو الأضحى فإنه يكون قد نذر محرماً لعارض لا لذاتها، فإن الصيام في ذاته طاعة، وتحريمه في هذا اليوم عارض بنهي الشارع، فيصح نذره ويلغو لأنه يوم العيد فيجب قضاءه في يوم آخر. ومثله ما إذا نذر أن يصلي ركعتين من غير وضوء، فإنه يصح نذره، لأن نذر الصلاة صحيح ويلغو قيد من غير وضوء، فيجب أن يصلي ركعتين بوضوء، لأن التزام المشروط وهو الصلاة التزام الشرط وهو الوضوء. وكذا إذا نذر أن يصلي ركعة واحدة فإنه يلزمه أن يصلي ركعتين. وكذا نذر أن يصلي ثلاثة فإنه يلزم بأربعة.
الرابع: أن لا يكون فرضاً عليه قبل النذر، فلو نذر حجة الإسلام لم يلزمه شيء غيرها.
الخامس: أن لا يكون ما التزمه أكثر مما يملكه، فلو نذر الفاً وهو لا يملك إلا مائة يلزم بالمائة فقط.
السادس: أن يكون ممكن الوقوع، فلو نذر مستحيلاً كأن يصوم أمس فإنه لا يصح نذره.
وكذا إذا نذرت الحائض أن تصوم أيام حيضها فهو باطل، لأن صوم أيام الحيض مستحيل شرعاً، وكذا إذا نذرت أن تصوم غداً ثم أصبحت حائضاً فإن نذرها باطل، وهذا عند محمد، وقال أبو يوسف: يجب عليها القضاء في الصورة الثانية.
سابعاً: أن لا يكون ملكاً للغير.
واعلم أن النذر المطلق لا يتقيد بزمان ولا مكان ولا دراهم ولا فقير. فإذا نذر أن يتصدق يوم الجمعة بهذا الدرهم على فلان فتصدق يوم الخميس أو يوم السبت بغير هذا الدرهم على شخص آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>