أما التبرع من الجانبين كأن يتبرع أحد لآخر بمال فيتبرع له الثاني كذلك فهو داخل في التعريف من حيث انه مبادلة في الجملة، لأن الأول وإن كان قد تبرع لا في نظير شيء ولكن الثاني تبرع في مقابلة تبرع الأول، ففيه مبادلة من جانب واحد فيخرجه قوله على وجه مخصوص. لأنه ليس بيعاً في الحقيقة بل هو هبة. لكل واحد منهما حق الرجوع في تبرعه كما سيأتي في الهبة. ويشمل التعريف بيع المكره، لأنه مبادلة مال بمال وهو كذلك، لأن بيع المكره قسم من أقسام البيع المنعقد إلا أنه بيع فاسد موقوف على إجازته بعد زوال الإكراه كما سيأتي ببيانه قريباً. فزيادة قيد التراضي في التعريف لإخراج بيع المكره ليست بشيء، لأن الرضا شرط بنفاذ البيع لا جزء من مفهومه الشرعي كما سيأتي في شرائطه قريباً. ومن هذا تعلم أيضاً أنه لا حاجة إلى زيادة قيد مفيد كما عرفه بعضهم بقوله مبادلة مال بمال على وجه مفيد مخصوص، وغرضه إخراج البيع غير المفيد كبيع نقد مسكوك بمساويه في الوزن والوصف، مثل أن يبيع قطعة من ذات القرشين بمثلها فإن ذلك لا فائدة فيه فلا يصح. أما إذا اختلفا في الوصف كما إذا كانت إحداهما مطلية بطلاء أصفر أو أسود فإنه يجوز لوجود الفائدة حينئذ، وإنما قلنا إن هذا القيد لا حاجة إليه، لأن البيع لا فائدة فيه منعقد داخل في تعريف البيع، لأنه مبادلة مال بمال ولكنه بيع فاسد، والتعريف يشمل الصحيح والفاسد كما ذكرناه لك آنفاً. وقوله على وجه مخصوص: المراد به الإيجاب والقبول وسيأتي بيانهما. المالكية - قالوا: للبيع في اصطلاح الفقهاء تعريفا: أحدهما تعريف لجميع أفراد البيع الشامل الصرف والسلم ونحوهما من الأقسام التي ستعرفها: ثانيها تعريف لفرد واحد من هذه الأفراد. وهو ما يفهم من لفظ البيع عن الإطلاق عرفاً. والأول يسمى تعريفاً للبيع بالمعنى الأخص. فأما تعريفه بالمعنى الأعم فهو عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة. فقوله عقد معاوضة معناه عقد محتو على عوض من الجانبين "البائع والمشتري" لأن كلاً منهما يدفع عوضاً للآخر. وقوله على غير منافع: معناه أن العقد يكون على الذوات والأعيان عن ثمن أو