للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


لا يقصد البيع أو الشراء. أما إن كان الفعل أمراً كقول المشتري: بعني هذا السلعة بكذا فيقول له البائع: بعت فإنه ينعقد به البيع، ولكن في لزومه خلاف، فبعضهم يقول: إن له حق الرجوع وعليه اليمين بأنه لم يقصد الشراء، وبعضهم يقول: إن يلزم بهذا كلزومه بالماضي وليس له حق الرجوع على المعتمد.
فإن كان الفعل مضارعاً كأن يقول البائع: أبيع هذه السلعة بكذا فرضي المشتري بذلك، فإن البيع لا يلزم البائع إذا رجع وقال: إنني لم أرد البيع، وإنما أردت المساومة أو المزاح ولكن عليه اليمين، وإذا رجع بعد رضاء المشتري فإذا حلف فذاك وإلا فيلزمه البيع، وإذا قامت قرينة على أنه يقصد البيع فإنه يلزمه ولو حلف. وذلك كأن يقول له المشتري: يا فلان بعني سلعتك بعشرة فيقول: لا، فيقول بأحد عشر فيقول: لا، ثم يقول البائع: أبيعها باثني عشر فيقول المشتري: قبلت. فإن البيع يلزم في هذه الحالة وليس له حق الرجوع، ولا ينفعه اليمين لأن تردد الكلام بينهما قرينة على عدم المزاح واللعب. وكذا لو قال المشتري: أشتري هذه السلعة بكذا فرضي البائع ثم رجع المشتري فإن له حق الرجوع، وعليه اليمين ما لم تقم قرينة على ا، هـ جاد في شرائه فإنه يلزمه الشراء، والحاصل أن البادئ بالماضارع سواء أكان بائعاً أم مشترياً فإنه لا يلزمه البيع، وله حق الرجوع وعليه اليمين إن رجع بعد رضاء الآخر، أما إذا رجع قبل رضائه فإن له ذلك الحق ولا يمين عليه، ومحل ذلك كله ما لم تقم قرينة على البيع والشراء أو عدمها وإلا عمل بها.
وإذا قال شخص لآخر: بكم تبيع هذه السلعة: فقال له: بعشرة، فقال السائل: أخذتها بذلك، فأبى البائع أن يبيعها وقال: إنني أريد أن أعرف قيمتها أو أريد المزاح فالمعتمد في ذلك أن يرجع إلى القرائن، فإن قامت قرينة بأن حصل تماكس وتردد في الكلام كما ذكر في الصورة المتقدمة فإن البائع يلزم بالبيع، وإن قامت قرينة على عدمة فإنه لا يلزمه ولا يمين على البائع، وإن لم تقم قرينة على أحدهما فللبائع حق الرجوع وعليه اليمين إن رجع بعد رضاء الآخر.
الشافعية - قالوا: ينعقد البيع والشراء بكل لفظ يدل على التمليك مفهم للمقصود، وهو قسمان: صريح. وكناية. فالصريح ما لا يحتمل غير البيع مما يدل على البيع والشراء كبعتك هذه السلعة بكذا، واشتريتها منك بكذا. وأما الكناية فهي اللفظ المحتمل لمعنى آخر غير البيع كقول البائع: أعطيتك هذا الثوب بذلك الثوب، أو أعطيتك تلك الدابة بتلك، فإن ذلك يحتمل البيع ويحتمل الإعارة. فإذا نوى بذلك البيع والشراء صح، فإن قرن اللفظ المحتمل بذكر الثمن يكون صريحاً كوهبتك هذه الدار بمائة دينار، فإن لفظ الهبة إن لم تكن مقترنة بذكر الثمن تكون هبة، فإن اقترنت بالثمن تكون بيعاً. وكذا كل لفظ يدل على التمليك إذا قرن بذكر الثمن كجعلت لك هذه الدار بثمن كذا، أو عوضتك هذا بكذا، أو صارفتك ذا بكذا، فكل هذا ظاهر الدلالة في البيع لذكر الثمن، ومثل ذلك ما إذا قال المشتري: اشتريت وقبلت فإن في ذلك دلالة ظاهرة على الشراء، بخلاف ما إذا قال: تملكت فقط، فإن ذلك كناية تحتمل التملك بالشراء وتحتمل التملك بالهبة وغيرهما. وكما ينعقد البيع بالصريح ويحل فكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>