للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلا إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه. ولا يكفي الإذن العام، فإذا اشترى الصبي المميز السلعة التي أذنه وليه في شرائها انعقد البيع لازماً، وليس للولي رده. أما إذا لم يأذن وتصرف الصبي المميز من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد، ولكن لا يلزم إلا إذا أجازه الولي، أما أجازه الصبي بعد البلوغ. ومنها أن يكون رشيداً. وهذا شرط لنفاذ البيع، فلا ينعقد بيع الصبي مميزاً كان أو غيره، ولا بيع المجنون والمعتوه والسفيه إلا إذا أجاز الولي بيع المميز منهم، أما بيع غير المميز فإنه يقع باطلاً، ولا فرق في المميز بين أن يكون أعمى أو مبصراً.

ومنها أن يكون العاقد مختاراً فلا ينعقد بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم} . وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراضٍ" رواه ابن حبان وفي ذلك تفصيل المذاهب (١) .


ولا ينعقد بيع الصبي ولو أذن له الولي. أما العبد فإن أذن له سيده فإن بيعه يصح وكذا شراؤه وإذا كان مكلفاً عاقلاً
(١) الحنابلة - قالوا: يشترط في البيع أن يكون العاقدان مختارين ظاهراً أو باطناً، فإذا كانا مختارين في الظاهر فقط، كأن اتفقا على بيع عين لأحدهما فوراً من ظالم يريد اغتصابه، أو اتقاء شرجار حتى إذا ما أمن ذلك رد إليه ما باعه ورد هو ما أخذ من ثمن، فإن هذا البيع يقع باطلاً ولا ينعقد، لأنهما وإن تعاقدا باختيارهما ظاهراً ولكنهما في الباطن لا يريدان هذا البيع ويسمى هذا بيع التلجئة والأمان. ولا يشترط أن يقولا في العقد: إن هذا بيع تلجئة، فإذا سلمه العين على أن ينتفع بها من سكنى وإجارة وركوب وحلب في نظير ما أخذه من الثمن كان ذلك ربا، لأنه يكون عبارة عن إعطاء دراهم إلى أجل في نظير منفعة وهي الريح فهو في المعنى فرض بعوض، وعلى هذا يكون باطلاً من جميع الوجوه.
ومثل بيع التلجئة بيع الهازل فإنه لم يرد حقيقته فهو غير مختار في المعنى. وتقبل دعوى بيع التلجئة والهزل بالقرينة الدالة عليهما مع اليمين لاحتمال كذبه، فإن لم توجد قرينة لم تقبل دعواه إلا ببينة.
أما إذا باع شيئاً فراراً من ظالم ونحوه من غير أن يتفق مع المشتري على أن هذا بيع تلجئة وأمانة؛ فإن البيع يقع صحيحاً لأنه صدر من غير إكراه في هذه الحالة. وكذا لو أكره على أن يستحضر مالاً فباع ملكه في ذلك صح البيع، لأنه لم يكره على البيع، وإنما أكره على سبب البيع، إنما يكره الشراء منه لأنه بيع بدون ثمن مثله.
ومن استولى على ملك رجل بلا حق فطلبه فجحده وقال: إنه لا يعترف له به إلا إذا باعه فاضطر لبيعه وقع البيع باطلاً لأنه مكره في هذه الحالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>