والثاني: أن يسقطا الخيار بعد تمام العقد كأن يقول كل منهما: اخترت إمضاء العقد أو التزامه، وإذا أسقطه أحدهما أو قال لصاحبه: اختر، سقط خياره وبقي خيار صاحبه. الثالث: أن يتفرقا عن المجلس بأبدانهما عرفاً، فإذا فارق احدهما صاحبه لزم، سواء قصد بالمفارقة لزوم البيع أو قصد حاجة أخرى، ولكن تحرم الفرقة بغير إذن صاحبه بقصد لزوم البيع وعدم فسخه، لما في الحديث من أنه: "لا يحل لأحد المتبايعين أن يفارق صاحبه خشية أن يستقبله" رواه النسائي. والرابع: موت أحد المتعاقدين فإنه يبطل خيارهما لأنه أعظم فرقة. وكذا يبطل خيارهما إذا هرب أحدهما من صاحبه، أما إذا جن إحدهما أو أغمي عليه فلا يسقط خياره. الحنفية - قالوا: خيار المجلس لا يثبت للعاقد إلا بالشروط، فإذا تم العقد بينهما من غير شرط الخيار أصبح لازماً سواء أقاما بالمجلس أو تفرقاً، وإنما الذي للعاقد في المجلس بدون شرط هو خيار القول، فإذا قال للبائع: بعتك، فله أن يرجع قبل أن يجيبه المشتري كما تقدم. ويحملون الحديث على هذا فيقولون: إن معنى الحديث أن لهما خيار المجلس بالشرط. المالكية - قالوا: لا خيار في المجلس أصلاً بل الخيار ينقسم إلى قسمين: الأول: خيار الشرط ويسمى الخيار الشرطي، وخيار التروي "النظر والتفكر في إمضاء العقد ورده" وهذا القسم هو الذي ينصرف إليه الخيار عند الإطلاق في عرف الفقهاء. الثاني: خيار النقيصة ويسمى الخيار الحكمي، وسببه ظهور عيب في المبيع أو استحقاق للغير فيه. أما حديث: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" فهو وإن كانت روايته صحيحة إلا أن عمل أهل المدينة كان على خلافه، وعمل أهل المدينة مقدم على الحديث وإن كان صحيحاً، لأنه في حكم المتواتر الموجب للقطع، بخلاف الحديث فإنه وإن كان صحيحاً لكنه خبر آحاد يفيد الظن، فالأول مقدم عليه. وإذا شرط العاقد خيار المجلس في البيع فسد العقد، ومن هذا تعلم أن الحنفية والمالكية متفقون على أن لا خيار في المجلس: إلا أن الحنفية يقولون: إنه يثبت بالشرط والمالكية يقولون: إن شرطه يفسد البيع