للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال الثاني: ما إذا اشترى حيواناً مأكول اللحم يغلب خصاؤه كالغنم والمعز فإن الخصاء فيها ليس عيباً يوجب الرد. لأن الغالب فيها الخصاء إذ هو يزيدها سمناً، ومنها أن لا يمكن زوال ذلك العيب إلا بمشقة، فإذا أمكن إزالته بغير مشقة فإن المبيع لا يرد به. وذلك كما إذا اشترى ثوباً متنجساً لا تنقص قيمته بالغسل فإن النحاسة حينئذ لا تكون عيباً (١) يرد به الثوب لأنه يمكن إزالتها بلا مشقة، وكذا إذا اشترى سيفاً معوجاً يمكن إزالة اعوجاجه بسهولة. فإن العوج لا يكون عيباً يرد به حينئذ.

ومنها أن يكون العيب موجوداً في المبيع وهو عند البائع على تفصيل المذاهب

(٢) .


(١) الحنابلة - قالوا: المعول في ذلك على قوة العيب وضعفه، فإن كان يسيراً كصداع وحمى يسيرة فإنه لا يرد المبيع، بخلاف ما إذا كان شديداً فإنه يرد به، وعلى هذا فالثوب المتنجس الذي لا يمكن إزالة نجاسته بدون مشقة وبدون نقص في قيمة الثوب لا تكون نجاسته عيباً يرد به لأنها يسيرة في هذه الحالة.
المالكية - قالوا: نجاسة الثوب عيب تجعل للمشتري الحق في الرد، سواء كان الثوب يضره الغسل أو لا إن لم يتبينه البائع
(٢) المالكية - قالوا: إذا اشترى فوجد به عيباً تنقص به قيمته ولم يعلم به وقت الشراء أو قبله فلا يخلو: إما يكون ذلك العيب قد حصل وهو في يد البائع قبل أن يقبضه المشتري، أو حصل بعد أن قبضه المشتري: فأما الأول فهو على خمسة أوجه:
أحدها: أن يكون ذلك العيب قد حدث بعد العقد بفعل البائع وهو في يده: وفي هذه الحالة يكون المشتري بالخيار في تركه أو أخذه مع طرح حصة من الثمن تعادل النقص الذي حصل بسبب ذلك العيب، سواء وجد فيه عيباً آخر قديماً حدث قبل العقد أو لا.
ثانيها: أن يكون ذلك العيب قد حدث بفعل المشتري، وفي هذه الحالة يكون المشتري ملزماً بدفع كل الثمن، ولو كان البائع هو الذي منعه من استلامه بسبب عدم دفع الثمن، فإذا وجد فيه عيباً قديماً حدث عند البائع بغير فعل المشتري في هذه الحالة فللمشتري رده بالعيب القديم ويسقط عنه الثمن، ولكن عليه أن يدفع تعويض ما أحدثه بفعله من العيب.
ثالثها: أن يكون ذلك العيب قد حدث بفعل أجنبي عن البائع والمشتري والمبيع، وفي هذه الحالة يكون المشتري بالخيار: إن شار رضي به بجميع الثمن وله على الأجنبي تعويض ما أحدثه من النقص في المبيع، وإن شاء رد المبيع وسقط عنه الثمن.
رابعها: أن يكون العيب قد حصل بآفة طبيعية فللمشتري أن يرده ويأخذ كل الثمن، وإن شاء أن يأخذه ويطرح من الثمن بقدر ما حدث فيه من العيب، فإن اطلع مع ذلك على عيب قديم حدث فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>