للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الثاني: أن يصفه بالصفات التي تضبطه، وهي الأوصاف التي يترتب على ذكرها وعدمه اختلاف في الثمن غالباً وهي التي تكفي في السلم، فإذا باع سلعة غائبة فإنه يجب أن يذكر جنسها كأن يقول مثلاً: أبيعك تمراً ثم يذكر نوعها فيقول: تمر أسيوطي، أو زغلولي، أو واحي، ثم يذكر حبه فيقول: صغير، أو كبير، ثم يذكر لونه فيقول: أحمر أو أصفر وهكذا كل مبيع غائب كما سيأتي في السلم، فإذا اشترى شخص شيئاً لم يره ولم يوصف له أصلاً، أو وصف له وصفاً ناقصاً لا يضبطه فإن العقد لا يصح. ومثل المشتري في ذلك البائع، فإذا ورث شخص شيئاً في بلد بعيدة عنه ولم يوصف له بوصف يضبطه فإنه لا يصح بيعه.
ثم إن المبيع بالصفة ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون عيناً معينة بإضافة أو إشارة أو نحوهما، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المبيع غائباً عن مجلس العقد كأن يقول: بعتك جملي "الغائب"، أو يكون حاضراً فيه ولكنه مغطى كالقمح في الكيس، والتين في الكيس أيضاً، والسكر في الصندوق ونحو ذلك. ويتعلق بهذا القسم أحكام؛ أولاً: إن للمشتري الحق في رده إذا وجد فيه عيباً، أو وجده غير مطابق للصفة التي اشتراه عليها وينفسخ العقد بذلك. ثانياً: إذا تلف المبيع قبل أن يقبضه المشتري فسخ العقد وضاع المبيع على البائع، وليس للمشتري الحق في طلب بدله، لأن الحق وقع على عين المبيع، فمتى تلف فسخ العقد كبيع الحاضر، فإذا شرط البائع على نفسه ذلك بأن قال: أبيعك هذه السلعة الغائبة الموصوفة بكذا بشرط أنها إن لم تكن على هذه الصفة أعطيتك سلعة بدلها موصوفة بتلك الصفة بطل العقد. ثالثاً يجوز للمتعاقدين أن يتفرقا قبل قبض المبيع وقبل قبض الثمن متى تم الإيجاب والقبول كبيع الحاضر بالمجلس بدون فرق.
القسم الثاني: بيع موصوف غير معين بإضافة أو إشارة ونحوهما بشرط أن يذكر جميع صفاته التي تضبطه كما في السلم، وذلك كأن يقول: بعتك جملاً أبيض سميناً قادراً على حمل كذا إلى آخر صفاته، وهذا النوع في حكم السلم وليس سلماً حقيقياً لأنه غير مؤجل ويتعلق به حكمان:
أحدهما: أن للمشتري أن يرده إذا وجده على غير الصفة التي ذكرت له ولا ينفسخ العقد بذلك فللبائع أن يعطيه جملاً بدله متصفاً بتلك الصفة، لأن العقد لم يقع على عينه بل على عين موصوفه بتلك الصفة. ثانيهما: لا يجوز للمتعاقدين أن يتفرقا من المجلس قبل قبض المبيع أو قبض ثمنه، فإن تفرقا قبل ذلك بطل العقد لأنه في معنى السلم، وكذلك لا يصح أن يكون البيع في هذا القسم بلفظ سلم أو سلف، لأنه يكون حينئذ سلماً وهو لا يصح إلا إذا كان المبيع مؤجلاً غير حال ومن هذا النوع ما يقع كثيراً بين التجار في البلدان المختلفة فإنهم يشترون الأشياء غير المعينة الموصوفة بالصفات التي تضبطها وقد عرفت أنه جائز.
أما النموذج "العينة" بفتح العين وتشديد الياء كأن يريد قدحاً من القمح فيشتري إردباً على أنه من جنسه فإنه باطل، لأنه لم يرد المبيع في هذه الحالة. بخلاف رؤية البعض الدالة على الباقي كما إذا رأى

<<  <  ج: ص:  >  >>