للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه شيء من الشروط والأركان التي سبق ذكرها، والبيوع الفاسدة كلها محرمة فيجب على الناس اجتابها. وهي كثيرة:

منها (١) : بيع الجنين وهو في بطن أمه، كما إذا كانت عنده ناقة حامل فباع جنينها قبل أن تلده فإن ذلك بيع فاسد لا يحل، ويسمى ذلك بيع الملاقيح جمع ملقوحة: وهي ما في البطون من الأجنة.

ومنها: نتاج النتاج إذا كانت عنده نعجة حامل فباع ما يتناسل من حملها، ويسمى هذا حبل الحبلة، وهو أظهر فساداً من الأول.

ومنها بيع ما في أصلاب ذكور الحيوانات من المني، ويسمى بيع المضامين: أي ما تضمنته أصلاب الحيوانات من المني، فمن كان عنده جمل أو حماراً أو ثور ونحوها وطلبه منه أحد ليستولد به أنثى من جنسه، فإنه لا يحل له أن يبيعه ماء ذلك الفحل، لأن ماء الفحل ليس مالاً متقوماً حتى يباع فضلاً عن كونه غير مقدور على تسليمة، لأنه قد يمتنع عن طريق الأنثى فلا يستطيع أحد إجباره. وكما لا يصح بيع مني الفحل، فكذلك لا تصح (٢) .

إجارته لمن يطلبه


الخمر لا يصلح ثمناً كما تقدم. وكذلك إذا وقع الخلل فيه من جهة كونه غير مقدور التسليم، كما إذا باع شيئاً مغصوباً منه ولا يقدر على تسليمه، أو وقع الخلل فيه من جهة اشتراط شرط لا يقتضيه العقد كما سيأتي، فإن البيع في هذه الأحوال فاسداً لا باطلاً. ويعبرون عن الباطل بما لم يكن مشروعاً بأصله ووصفه، ويريدون بأصله ركنه ومحله كما عرفت، ومعنى كون الركن مشروعاً. أن لا يعرض له خلل، ومعنى كون المحل مشروعاً: أن يكون مالاً متقوماً. وقد تقدم تعريف المال المتقوم في تعريف البيع، ويريدن بوصفه ما كان خارجاً عن الركن والمحل كالشرط المخالف لمقتضى العقد، وكالثمنية فهي صفة تابعة له وإن كان البيع يتوقف على الثمن أيضاً ولكن الأصل فيه المبيع، ولذا ينفسخ البيع بهلاك المبيع دون هلاك الثمن لأن الثمن ليس مقصوداً وإنما هو وسيلة للانتفاع بالأعيان، فاعتبر من هذه الناحية وصفاً خارجاً عن البيع، وحكم البيع الفاسد: أنه يفيد الملك بالقبض، بخلاف البيع الباطل فإنه لا يفيد الملك أصلاً وسيأتي.
وأما البيع الموقوف وهو بيع ما تعلق به حق للغير فإنه من أقسام الصحيح، لأنه ينعقد بدون أن يتوقف على القبض
(١) الحنفية - قالوا: بيع الملاقيح، وبيع حبل الحبلة، وبيع المضامين باطل لا فاسد للعلة المذكورة، فالخلل في المبيع يوجب بطلان العقد كما عرفت
(٢) المالكية - قالوا: يصح استئجار الفحل ليطرق الأنثى من جنسه لتحمل زماناً معيناً، كيوم أو يومين، أو ليطرقها مرة أو مرتين، أو مرات متعددة، فإن حملت - ويعرف حملها بإعراضها عن قبول

<<  <  ج: ص:  >  >>