للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


ومنها: بيع ما سيملكه قبل ملكه. كما إذا كان ينتظر ميراثاً بوفاة والد أو أحد من يرثهم ثم باعه قبل أن يؤول إليه ذلك، لأنه إنما يبيع شيئاً معدوماً لا يقدر على تسليمه وهو باطل. ومثله بيع ما كان على خطر العدم كبيع اللبن في الضرع فإنه على احتمال عدم الوجود. وإنما يصح بيع المعدوم إذا كان ديناً موصوفاً في الذمة وهو السلم الآتي بيانه. أما بيع ملك الغير بوكالة منه فإنه صحيح نافذ. وبيعه بدون وكالة فهو صحيح موقوف على إجازة المالك وهذا هو بيع الفضولي.
ومن الباطل بيع الأعشاب التي تنبت بنفسها في الأرض وترعاها الدواب وتسمى الكلأ والمراعي، ولو نبتت في ملكه. لحديث: "الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار" وكما لا يصح بيعها فكذلك لا تصح إجازتها. وهل إجارتها باطلة أو فاسدة؟ خلاف: أما إذا أنبتها أحد بسقي وخدمة فإنه يملكها حينئذ فله بيعها. واختار بعضهم أنه لا يملكها فليس له بيعها.
ومنها: بيع رمية الشبكة في الماء كأن يقول له: أبيعك ما يخرج بهذه الرمية في الشبكة بكذا، أو ما أصطاده بضربة هذا السهم من الطير ويسمى بيع ضربة القانص، لأنه بيع ما ليس بمملوكومثل ذلك غوصة الغائص، وهو الذي يغوص في الماء لإخراج اللآليء ونحوها.
ومنها: بيع صرح بنفي الثمن فيه كأن يقول له: بعني جملك مجاناً أو بلا ثمن فيقول له: بعتك إياه فهذا البيع باطل لانعدام المال من أحد الجانبين وبعضهم يقول: ينعقد البيع لأن نفيه نفي للعقد فيكون كأنه سكت عن ذكر الثمن، وحكم السكوت عن ذكر الثمن في البيع: أن البيع ينعقد معه ويثبت الملك بالقبض فهو فاسد كما يأتي.
هذه بعض أمثلة البيع الباطل. أما حكمه فهو أنه لا يفيد الملك كما تقدم. فإذا قبض المشتري المبيع فإنه لا يملكه بقبضه، وإذا هلك المبيع عنده بعد قبضه إياه ففيه خلاف: فقيل: يضمنه لأنه يكون كالمقبوض على سوم الشراء المتقدم ورجحه بعضهم. وقيل: لا يضمنه لأنه أمانة عنده فإنه بعد بطلان العقد لم يبق سوى القبض بإذن البائع وهو لا يوجب الضمان بدون نقد.
وأما البيع الفاسد فله أمثلة: منها: بيع الوصي مال اليتيم بغبن فاحش فإنه فاسد على الراجح.
ومنها: بيع المضطر وشراؤه. فالأول: كما إذا ألزمه القاضي ببيع ماله لإيفاء دينه فاضطر إلى بيعه بدون ثمن المثل بغبن فاحش، البيع في هذه الحالة يكون فاسداً، والثاني كما إذا اضطر إلى طعام أو شراب أو لباس فلم يرض البائع إلا بيعها بثمن كثير يزيد عن قيمتها.
ومنها: البيع مع السكوت عن ذكر الثمن فإنه فاسد كما تقدم قريباً، ومنها: بيع متاع قيمي بخمر بأن يجعل الخمر ثمناً فإنه فاسد كما تقدم.
الشافعية - قالوا: من أمثلة البيع الفاسد أو الباطل بيع الأعمى وشراؤه، فلا يصح أن يبيع الأعمى عيناً أو يشتري كما لا تصح إجارته ورهنه ولكن يصح أن يوكل عنه غير. فيما لا يصح منه من العقود

<<  <  ج: ص:  >  >>