فمن أمثلة البيع الفاسد: بيع الحيوان المأكول اللحم وهو حي بلحم من جنسه، كما إذا كان عنده خروف حي فأعطاه للجزار وأخذ به لحماً، لأن هذا البيع معلوم وهو اللحم بمجهول وهو الحيوان، إذ لا يعرف إن كان لحم الحيوان الحي جيداً أو رديئاً، بخلاف لحم المذبوح بعد سلخه فإنه يكون مريئاً معلوماً ما لم يطبخ اللحم، فإنه يصح أن يباع بالحيوان، أما بيعه بلحم من غير جنسه كما إذا اشترى سمكاً بخروف فإنه جائز، وإلا أنه يشترط لصحة البيع في مثل هذا أن يكون منجزاً لأنه مما لا تطول حياته، فيشترط فيه ذلك وسيأتي بيانه في مبحثه. ومنها بيع الغرر وهو التردد بين أمرين: أحدهما يوافق الغرض والآخر يخالفه، كما إذا قال له: بعتك هذه الدابة بقيمتها التي تظهر في السوق، أو التي يقولها أهل الخبرة، فإنه يحتمل أن تظهر قيمتها موافقة لغرض البائع والمشتري، وأن تظهر مخالفة، فلا يصح البيع ما دام العوض مجهولاً. وكذلك إذا قال له: بعتك هذه السلعة بما تحكم به، أو بما يحكم به فلان، أو بما ترضى به، أو بما يرضى به فلان فإن كل ذلك لا يصح، ويغتفر الغرر اليسير للضرورة كأساس الدار، فإنها تشتري مع عدم معرفة عمقه وعرضه، وكإجارتها مشاهرة مع احتمال نقصان الشهور وزيادتها، وكشراء جبة محشوة، أو لحاف محشو من غير معرفة حشوه، فإن ذلك يتسامح فيه الناس عادة، بخلاف ما إذا كان الغرر كثيراً كبيع الطير في الهواء، والسمك في الماء فإنه لا يصح. ومنها أن يبيع السلعة بيعاً باتاً بعشرة نقداً وبخمسة عشر مثلاً لأجل، فيرضى المشتري ذلك ويأخذ السلعة من سكوت ثم يختار بعد تمام العقد، فإن البيع يقع فاسداً ويسمى ذلك البيع "بيعتين في بيعة" أما إذا باع ذلك بالخيار كأن قال له: بعتك هذه السلعة بعشرة حالة وبخمسة عشر مؤجلة على أن يكون لك الخيار فإنه يصح، وإنما منع الأول للجهل بالثمن حال البيع، وجاز في الثاني لأن له فرصة التأمل. ومثل ذلك ما إذا باع واحدة من سلعتين مختلفين في الجنس أو الوصف.