للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن بخمسة وعشرين تدفع له بعد سنة. وكبيع إردب من القمح الآن بإردبين من الذرة يدفعان له بعد ستة أشهر، لأنه وإن اختلف الجنس في القمح والذرة ولكن يشترط فيه التقابض وعدم تأجيل الدفع وإلا كان ربا.

وإذا كان كذلك: فهل كل جنس في البيع يدخله الربا؟ أو هو مقصور على الأجناس المذكورة في الحديث المتقدم وهي: البر والشعير. والذهب، والفضة، والتمر، والملح؟ لا خلاف بين الأئمة الأربعة على أن الربا يدخل في أجناس أخرى غير التي ذكرت في الحديث قياساً عليها. وإنما اختلفوا في علة تحريم الزيادة في الأشياء المذكورة في الحديث ليقاس عليها غيرها متى وجدت تلك العلة كما هو مفصل في أسفل الصحيفة (١) . على أن الظاهرية اقتصروا على الأشياء المذكورة في الحديث.


(١) الحنابلة - قالوا: العلة في تحريم الزيادة الكيل والوزن، فكل ما يباع بالكيل أو الوزن فإنه يدخله الربا، سواء كان قليلاً لا يتأتى كيله كتمرة بتمرتين. أو لا يتأتى وزنه كقدر الألازة من الذهب، وسواء كان مطعوماً كالأرز والذرة والدخن، أو غير مطعوم كبذر القطن والبرسيم والكتان والحديد والرصاص والنحاس، أما ما ليس بمكيل ولا موزون كالمعدود فإنه لا يجري فيه الربا، فيصح بيع البيضة بيضتين، والسكين بسكينين وإن كانا من جنس واحد لاختلاف الصفة. وقيل: بكراهة ذلك.
الحنفية - قالوا: العلة في تحريم الزيادة هي الكيل والوزن كما يقول الحنابلة، إلا أنهم قالوا: إن القدر الذي يتحقق فيه الربا من الطعام هو ما كان نصف صاع فأكثر، أما إذا كان أقل من نصف صاع فإنه يصح فيه الزيادة، فيجوز أن يشتري حفنة من القمح بحفنتين يداً بيد أو نسيئة وهكذا إلى أن تبلغ نصف صاع، فيصح بيع التمرتين لأن التمر يباع مكيلاً، وكل ما كان أقل من نصف صاع لا يدخله الربا، وهذا هو المشهور، أما القدر الذي يتحقق فيه الربا من الموزون فهو ما دون الحبة من الذهب والفضة، وما كان كتفاحة أو تفاحتين من الطعام، يجوز بيع التفاحة بتفاحتين ولكن يشترط في صحة البيع في مثل ذلك تعيين البدلين كأن يقول: بعتك هذه التفاحة المعينة بهاتين التفاحتين كما سيأتي بيانه، فكل ما تحققت فيه هذه العلة فإنه يدخله الربا، سواء كان مطعوماً أو غير مطعوم، فيقاس على القمح والشعير المذكورين في الحديث كل ما يباع بالكيل كالذرة والأرز والدخن والسمسم والحلبة والجص إذا كان لا يباع بالكيل، ويقاس على الذهب والفضة كل ما يباع بالوزن كالرصاص والنحاس.
أما الذي لا يباع بالكيل ولا بالوزن كالمعدود والمذروع فإنه لا يدخله ربا الفضل، فيجوز أن يبيع الذراع من الثوب بذراعين بثوب من جنسه بشرط القبض الآتي بيانه، كما يجوز أن يبيع البيضة بيضتين والبطيخة باثنتين وهكذا، والضابط في ذلك أن المبيع إذا كان متحداً مع الثمن في الجنس كقمح بقمح، وشعير بشعير وكان يباع بالكيل والوزن فإنه لا يصح أن يوجد في أحد العوضين زيادة، سواء كانت الزيادة لأجل أو لا، فيحرم ربا الفضل وربا الزيادة، وذلك كالقمح والشعير والذهب ونحوهما مما يباع كيلاً أو وزناً،

<<  <  ج: ص:  >  >>