والعلة في ذلك ظاهرة وهو أن الأصل فيه زيادة ينتفع بها وهي الثفل، فينبغي أن يعمل حساب هذه الزيادة في مقابلها، فإذا بيع السمسم بمقدار الزيت الذي فيه فقد ضاع ثفله، أما إذا كان الثفل لا ينتفع به أصلاً كثفل عصير العنب فإنه يصح بيعه بعصير العنب بدون أن يكون العصير زائداً على ما في العنب متى علم أن القدر الموجود في العنب يساوي العصير الذي اشتراه به. وإذا أضيف إلى نوع واحد من الزيت فإنه يختلف، كما إذا أضيف إلى زيت السمسم دهن البنفسج، أو الياسمين، أو الورد، أصبح كل واحد منهما جنساً على حدة كما تقدم في مبحث ما يعرف به اتحاد الجنس. ومثل الزيت الخل، فإنه أجناس مختلفة الأصول المستخرج منها، فخل العنب جنس وخل الدقل بفتح الدال "التمر الرديء" جنس، وخل الخمر جنس، فيصح بيعها ببعضها مفاضلة كما يصح أن يباع بعض كل جنس منها ببعضه مماثلة، أما بيع الخل بالعصير فإنه لا يصح مفاضلة، وذلك لأن العصير يتخلل بعد مدة فكأنه باع الخل بمثله مفاضلة. لا يصح بيع رطل زيت فيه رائحة عطرية برطل زيت خال منها، لأنه في هذه الحالة يكون قد باع رطلاً من الزيت بمثله مع زيادة الرائحة. ويجوز بيع اللبن الحلية بمثله كما يجوز بيعه بالجبن مفاضلة لأنهما جنسان مختلفان، أما بيع الحليب بالمخيض "الخض" فإنه إذا كان المخيض أكثر يصح، وإلا فلا، فيصح أن يبيع رطلين من اللبن الخض برطل من الحليب، أما إذا كان العكس فإنه يجوز، لأن الحليب مشتمل على زبدة فينبغي أن تراعى هذه الزيادة. وإذا كان الماء في البئر أو في النهر فإنه لا يصح بيعه، فما جرت به عادة بعض الناس من بيع ماء البئر بالخبز ونحوه فإنه لا يصح إلا إذا أجر الدلو أو الرشا "الحبل الذي يملأ به، فإنه يصح في هذه الحالة، وإذا أخذ الماء ووضعه في جرة أو نحوها كان أحق به فأصبح مالكاً له فصح له أن يبيعه وسيأتي ما يتعلق بذلك موضحاً في المساقاة. المالكية - قالوا: يختلف الجنس باختلاف أصله، فالزيت يكون أجناساً مختلفة باختلاف أصوله المستخرج منها، فزيت القرطم والسمسم والسلجم والزيتون وزيت بذر الفجل والخس وبذر الكتان وغير ذلك كلها أجناس ربوية مختلفة لاختلاف الأجناس المستخرجة منها كما تقدم في مبحث ما يعرف به اتحاد الجنس، وكذلك العسل فإنه يختلف باختلاف أصله. فيصح بيع بعض الجنس الواحد ببعضه مماثلة يداً بيد، كما يصح بيع الجنس بجنس آخر مفاضلة يداً بيد.