وقد أفتى بعض أئمة المالكية بأن المبيع إذا زاد على الثلث أو نقص عنه، فسخ البيع بشرط أن يكون البائع قد باع وهو عالم بالغبن، أو يكون المشتري قد اشترى وهو عالم بذلك واستمر قائماً لم يتغير قبل مجاوزة العام، وقد جرى العمل على ذلك في بعض الجهات الإسلامية. الحنابلة - قالوا: يرد المبيع بالغبن الفاحش بالزيادة أو النقص في ثلاثة صور: الصورة الأولى: تلقي الركبان. الصورة الثانية: بيع النجش. وقد تقدم الكلام عليهما قريباً. الصورة الثالثة: أن يكون البائع أو المشتري لا معرفة لهما بالأسعار ولا يحسنان المماكسة. ويقبل قوله بيمينه أنه جاهل بقيمة الثمن ما لم تقم قرينة تكذبه في دعوى الجهل. ويرى بعضهم أنه لا يسمع قوله إلا ببينة تشهد بأنه جاهل بقيمة الثمن، أما من يحسن المماكسة وله خبرة بالأسعار، فإنه لا حق له في رد المبيع ولو غبن غبناً فاحشاً. وحد الغبن الفاحش: أن يزيد المبيع أو ينقص عما جرت به العادة. الحنفية - قالوا: الغبن الفاحش هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين، كما إذا اشترى سلعة بعشرة فقومها بعض أهل الخبرة بخمسة، وبعضهم بستة، وبعضهم بسبعة، ولم يقل أحد إنها بعشرة فالثمن الذي اشتريت به لم يدخل تحت تقويم أحد. أما إذا دخل تحت التقويم كأن قال بعضهم: بثمانية، وبعضهم بسبعة وبعضهم بعشرة فإنه لا يكون غبناً، لأن السعر الذي اشتريت به قال به بعضهم فدخل تحت التقويم، وحكم الغبن الفاحش: أن المبيع لا يرد به إلا في حالة الغرر، فإن قال البائع للمشتري: إن هذه "القطنية" مثلاً بلدية فاشتراها بأربعة جنيهات، ثم تبين أنها شامية تساوية جنيهين، فللمشتري الحق في ردها. وكذا إذا قال المشتري للبائع: إن هذا الخروف يساوي في السوق جنيهاً فصدقه وباعه له، ثم تبين أنه يساوي جنيهين، فإن للبائع الحق في فسخ البيع. وإذا تصرف في بعض المبيع قبل علمه، فإن كان مثلياً فإنه يصح أن يأتي بالمثل الذي تصرف فيه ويرد المبيع كاملاً ويأخذ ما دفعه من الثمن كاملاً. أما إذا كان قيمياً وتصرف فيه أو في بعضه، أو حدث فيه ما يمنع الرد فإنه يسقط خياره حينئذ. الشافعية - قالوا: الغبن الفاحش لا يوجب رد المبيع متى كان خالياً من التلبيس، سواء كان كثيراً أو قليلاً، على أن من السنة أن لا يشتد البائع أو المشتري حتى يغبن أحدهما صاحبه. وقد عرفت أن من يتلقى الركبان فيشتري منهم بغبن فإن شراءه لا ينفذ، ولهم الحق في الرجوع