للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإذا باع شيئاً بدا صلاحه فإن على البائع سقي ما بقي حتى يستكمل نموه ويسلم من التلف والفساد. فإذا اشترط أن يكون ذلك السقي على المشتري بطل البيع، ولو تلف بترك السقي المطلوب من البائع انفسخ البيع.
القسم الثاني: أن لا يكون الثمر قد بدا صلاحه، وفي هذه الحالة لا يجوز بيعه وحده دون أصله إلا بشرط قطعه ما لم يكن الأصل مملوكاً للمشتري، فإنه يصح بيع الثمر له من غير شرط القطع على الصحيح، فإذا اشترى شخص شجرة عليها ثمر ظاهر فإن الثمر يكون للبائع، وقد علمت أنه لا بد من اشتراط قطعه في هذه الحالة، فإذا باعه لنفس من اشترى الشجرة فإنه لا يجب اشتراط القطع لأنها شجرة مملوكة للمشتري والثمر الذي عليها أصبح ملكه فلا يكلف قطعه.
وأما بيع الزرع فإنه يجوز إذا بدا صلاحه مطلقاً، وإن لم يبد صلاحه فلا يجوز بيعه وحده إلا بشرط قطعه أو قلعه. ولا يصح بيع حب مستتر في سنبله كقمح وسمسم وعدس وحمص، سواء كان وحده أو مع أصله. أما إذا بيع الأصل وحده فيصح أن يتبعه هذه الأشياء على المتقدم بيانه. وهذا ولا يصح بيع القمح في "سنبله" بالقمح الخالص من التبن، لأن هذا البيع يسمى بيع "المحاقلة" وهو منهي عنه. وكذلك لا يجوز بيع الرطب على النخيل بالتمر، ويسمى بيع المزابنة وهو منهي عنه أيضاً، على أنه يصح بيع الرطب أو العنب وهو على شجره خرصاً بتمر أو زبيب كيلاً.
ولا يصح بيع الرطب وهو على نخله بالتمر، لأن ذلك هو بيع المزابنة المنهي عنه المذكور، إلا في العرايا فإنه يصح بيع الرطب على النخل بالتمر. والعرية: ما يفردها مالكها للأكل، فإذا كان له بستان "حديقة" وأفرد منه بعض نخله للأكل منه، فإنه يجوز أن يبيع ثمرها الرطب بالتمر اليابس خرصاً - بكسر الخاء - ومعناه: أن يقدر ما عليها من التمر بالتخمين بأن يقدر البائع أو المشتري أو غيرهما بطريق الحدث والتخمين ما على النخلة من الرطب إن كان يساوي إردباً أو أكثر أو أقل، فيأخذه المشتري ويدفع ثمنه تمراً كيلاً مثلاً ما تم عليه التقدير.
ومثل رطب النخل وتمره في ذلك الحكم: العنب والزبيب، فإنه يجوز أن يبيع العنب في كرمه خرصاً بالزبيبن كيلاً، لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم رخص في التمر والرطب، وقيس عليه الزبيب والعنب، وسبب هذه الرخصة: أن بعض الفقراء الذين لا يملكون مالاً شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يجدون شيئاً يشترون به الرطب سوى التمر، فرخص لهم في شراء ذلك على أن الرخصة أصبحت عامة للفقراء وغيرهم، لأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب.
وإذا كان الثمن ثمراً على الشجر بأن اشترى رطباً على شجرة بتمر على شجرة، فإنه يشترط أن يكون الثمن كيلاً بأن يقدر الرطب ويحدد كيل الثمن، فلا يصح تقديره تخميناً.
ويشترط لصحة بيع العرايا تسعة شروط:

<<  <  ج: ص:  >  >>