للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


الثاني: تسليمه بالمجلس وقد تقدم قريباً، لأنه لو تأخذر يكون بيع دين بدين، ولا فرق في ذلك بين أن يكون رأس المال عيناً أو منفعة كأن يقول: أسلمت إليك سكنى داري مدة كذا في كذا من الغنم، فلا بد من تسليمها كما تقدم. وأما التي تتعلق بالمسلم فيه فهي:
أولاً: بيان مكان تسليم المسلم فيه إن لم يكن المكان الذي حصل فيه العقد صالحاً للتسليم، سواء كان السلم حالاً أو مؤجلاً. أما إذا كان المكان صالحاً للتسليم، فإن كان نقله يحتاج إلى نفقات وجب البيان في السلم المؤجل دون الحال. وإذا كان نقله لا يحتاج إلى نفقات فلا يجب البيان، سواء كان السلم حالاً أو مؤجلاً. وقد تقدم أن السلم يصح حالاً أو مؤجلاً.
ثانياً: القدرة على تسليم "المسلم فيه" عند حلول الأجل إن كان مؤجلاً، أو بالعقد إن كان حالاً، فإذا أسلم في فاكهة وأجلت إلى أمد لا توجد فيه فلا يصح السلم.
ثالثاً: أن يكون المسلم فيه مقدوراً على تسليمه عند وجوبه بلا مشقة عظيمة، ويجب التسليم في السلم الحال بالعقد، وفي المؤجل بحلول الأجل، وهذا الشرط من شروط البيع أيضاً فليس بزائد عليها، وإنما يترتب عليه شيء آخر زائد على شروط البيع وهو: ما إذا أسلم في شيء يندر وجوده كالجواهر الكبار والياقوت فإنه لا يصح السلم فيها لتعذر وجود الصفات المطلوبة في السلم فيها، إذ لا بد من التعرض للحجم والشكل وصفاء اللون ونحو ذلك، وهذه الصفات يندر اجتماعها، فالشرط أن لا يسلم في شيء يندر وجوده، أو يكثر وجوده ولكنه ينقطع عند حلول الأجل، فلا يصح السلم في الفاكهة ونحوها بعد انقطاعها.
فإذا حصل عقد السلم فيما يندر وجوده، أو فيما ينقطع عند حلول الأجل كان لرب السلم "المشتري" الحق في الخيارين بين أمرين: فإما أن يصبر حتى يوجد المسلم فيه، وإما أن يفسخ العقد وله هذا الحق على التراخي، فله أن يستعمله في أي وقت شاء، ولو أسقط حقه في الفسخ لم يسقط على الأصح.
رابعاً: أن يكون المسلم فيه منضبطاً، فلا يصح السلم فيما تركب من أجزاء مختلفة لا يمكن ضبطها كالكشك، والقمح المخلوط بالشعير الكثير، والأحذية المبطنة. أما غير المبطنة "كالصنادل" والخف غير المبطن فإنه يصح السلم فيه بشرط أن تكون متخذة من الجوخ ونحوه. أما المتخذة من الجلد فإنه لا يصح السلم فيها، لأن الجلد لا يصح فيه السلم. ومن المركب من أجزاء رؤوس الحيوانات المذبوحة فإنه لا يصح السلم فيها ولو بعد تنقيتها من الشعر. ومنه معجون الروائح العطرية الغالية المركبة من نحو مسك وعنبر ودهن فلا يصح السلم فيها.
خامساً أن لا يكون المسلم فيه معيناً بل ديناً لأن السلم موضوع لبيع شيء في الذمة. فإذا قال أسلمت إليك هذا الجنيه في هذا الثوب فإنه لا يصح. وكذلك لا يصح أن يكون جزءاً من معين: كأسلمت إليك هذا الجنيه في إردب قمح من هذا الجرن بخصوصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>