أما الأعيان المضمونة بأنفسها فإنه يصح أن تكون مرهوناً بها: وهي الأعيان التي لها مثل كالمكيلات والموزونات والمعدودات، والأعيان التي ليس لها مثل ولكن لها قيمة كالحيوان والثوب، لأنها إذا هلكت تكون مضمونة بمثلها إن كان لها مثل، وبقيمتها إن لم يكن لها مثل. ومن ذلك تعلم أن الأعيان بالنسبة للضمان وغيره ثلاثة أقسام: مضمونة بأنفسها. وهي: المثلية والقيمية، ومضمونة بغيرها وهي المضمونة بمثنها، وليست مضمونة أصلاً. فالمضمونة يصح أن تكون سبباً في الرهن بلا خلاف. والشبيهة بالمضمونة فيها الخلاف الذي سمعته، وغير المضمونة لا يصح أن تكون سبباً في الرهن بلا خلاف. ومن المضمونة العين المغصوبة، فإذا باع شخص لآخر عيناً مغصوبة ورهن له شيئاً في نظيرها حتى يستلمها فإن الرهن يصح، لأنها إذا هلكت تكون مضمونة على الغاصب ومثلها العين التي جعلها مهراً أو بدلاً عن خلع، فإنه يصح أن يرهن شيئاً في مقابلها حتى يستلمها صاحبها لأنها مضمونة. ومن الأعيان غير المضمونة: العين المأخوذة بالشفعة، فإذا اشترى شخص عيناً فطلبها من له حق الشفعة فإنه يجب في هذه الحالة تسليمها، ولا يصح للمشتري أن يرهن بها للشفيع عيناً حتى يسلمها له، وإذا فعل يقع ذلك في الرهن باطلاً، لأن الرهن يكون قد وقع في مقالبل عين غير مضمونة لأن العين المبيعة ليست مضمونة على المشتري، فإذا هلكت في يده قبل أن يستلمها الشفيع فلا شيء عليه. ومثل ذلك الكفالة بالنفس، كما إذا كان لمحمد دين على خالد فكفل عمرو شخص خالد على أن يحضره لمحمد بعد سنة مثلاً، فإن لم يحضره يكون ملزماً بالدين الذي عليه، فلا يصح لعمرو في هذه الحالة أن يأخذ رهناً من المكفول وهو خالد في نظير هذه الكفالة، لأنه لا يجب على خالد دين حتى يأخذ عمرو في نظيره رهناً. فإذا وقع يكون باطلاً. وذلك لأن سبب الرهن وهو المرهون به إما أن يكون ديناً حقيقة، أو ديناً حكماً. والدين الحكمي: هو الأعيان المضمونة بأنفسها لأنها هي ليست نفس الدين، وإنما الدين مثلها أو قيمتها، لأنها إذا هلكت كان الواجب المثل في المثلي، أو القيمة في القيمي، فيصح أن تكون الأعيان المضمونة سبباً للرهن كالدين الحقيقي. ولا يشترط في الدين أن يكون مقدماً على الرهن، بل يصح أن يرهن شيئاً في مقابل دين يعده به، فإذا وعده أن يقرضه ألفاً على أن يرهنه داره فرهنها له على ذلك صح الرهن، فإذا دفع له بعض ما وعده به وامتنع فإنه لا يجبر على دفع الباقي. وإذا هلك هذا الرهن في يد المرتهن كان مضموناً عليه بالدين إذا كان الدين مساوياً للقيمة أو أقل. أما إذا كان الدين أكثر كان مضموناً بالقيمة. وكذلك يشترط