إذا بلغ المحجور عليه رشده والرهن باق في يد المرتهن فليس له أن يسترد إلا بقضاء الدين، ولكن يؤمر الأب بقضاء الدين ورد المرهون على ولده. ولو قضى الولد دين أبيه وافتك المرهون لم يكن متبرعاً ويرجع بجميع ما قضى على أبيه. ومثل الأب الوصي، إلا أنه هلك المرهون في حالة ما إذا كان الراهن الوصي فإنه يضمنه بقيمته لا بالأقل للفرق الظاهر بين الأب وغيره، لا لأن الأب له أن ينتفع بمال ابنه. وكذلك يصح له أن يرهن ملك غير المستعار بإذنه، فإذا استعار شخص عيناً من صديق أو قريب أو غيرهما ليرهنها في دين عليه فإنه يصح متى رضي له صاحبها بذلك، ولا يشترط أن يبين له جنس الرهن ولا قدره ولا أمد أجله، فإذا فعل شيئاً من ذلك وجب عليه أن يتقيد به، فإن خالف فللمعير أن يأخذ ما أعاره ويفسخ الرهن. وبالجملة: فكل ما يصح بيعه يصح رهنه إلا أمور: أهمها المشاع، والمشغول بحق الراهن؛ والمتصل بغيره؛ كالزرع المتصل بالأرض وقد بينا ذلك. النوع الثالث يتعلق بالعاقدين: وهو العقل؛ فلا يصح الرهن من المجنون والصبي غير المميز. أما الصبي المميز والسفيه اللذان يعرفان معنى المعاملة فإن تصرفهما في ذلك يكون صحيحاً بإذن الولي، فالبلوغ ليس شرطاً في صحة الرهن، ومثله الحرية. وحكم الرهن الفاسد: أنه يكون مضموناً بقبضه، بخلاف الرهن الباطل فإنه لا يكون مضموناً. وأما القسم الثالث: وهو شرط اللزوم: فهو قبض المرهون، فإذا حصل الإيجاب والقبول مع شرط الانعقاد انعقد الرهن صحيحاً ولكنه لا يكون لازماً إلا بالقبض، فللراهن أن يرجع في رهنه قبل أن يسلم المرهون فهو نظير الهبة، فإن للواهب الحق في الرجوع عن هبته قبل أن يقبضها الموهوب له. أما بعد قبضها فإنه ليس له الرجوع إلا برضا الموهوب له أو بالقضاء كما سيأتي في بابها إن شاء الله. وصحح بعضهم أن القبض شرط في الانعقاد، فإذا لم يقبض المرهون كان العقد باطلاً، ولكن الأول أصح، ومن شروط اللزوم أيضا: الرشد والتكليف. ويشترط في القبض إذن الراهن صريحاً أو دلالة، فالأول كأن يقول للمرتهن: أذنتك بقبض العين