أما إذا اشترى بثمن مؤجل ورهن عيناً مقابل الدين الذي لم يحل في عقد البيع فإنه جائز كأن يقول له: بعتك أرض كذا بمائة جنيه، وارتهنت منك دارك في ثمنها فيقول المشتري: اشتريت ورهنت. الثالث: أن يكون الدين لازماً في الحال أو في المآل، فيصح الرهن بسبب الثمن في مدة الخيار، فإذا باعه داراً بشرط الخيار واستلمها المشتري ولم يقبض البائع الثمن فإن له أن يأخذ رهناً مقابل ثمنها، لأن الثمن وإن لم يكن ديناً لازماً في الحال ولكنه لازم مآلاً. الشرط الرابع: أن يكون الدين معلوماً عيناً وقدراً وصفة، فلا يصح الرهن مع جهل شيء من ذلك. الحنابلة - قالوا: تنقسم شروط الرهن إلى قسمين: شروط لزوم، وشروط صحة فأما القسم الأول وهو شروط اللزوم: فهو قبضه المرهون، فإذا قبض المرتهن لزم الرهن في حق الراهن فليس له الرجوع بعد ذلك. أما قبل القبض فإنه لا يلزم ويصح له أن يتصرف فيه كما يشاء، حتى إن له أن يرهنه لشخص آخر ويكون ذلك إبطالاً للرهن الأول. ولو أذن الراهن للمرتهن في قبضه ولكنه لم يقبضه، فإنه يصح له أن يتصرف فيه أيضاً. وكذلك لا يلزم في حق المرتهن مطلقاً فله فسخه متى شاء، لأنه هو الذي ينتفع به في حفظ دينه وحده، فإن شاء أبقاه وإن شاء فسخه. والدليل على أنه لا يلزم إلا بعد القبض وقوله تعالى: {فرهان مقبوضة} ، فالقبض شرط في لزومه. ويشترط في صحة القبض: أن يأذن له الراهن، فإن قبضه من غير إذنه لم يكن الرهن لازماً وصفة قبضه كصفة قبض البيع، فإن كان منقولاً فيكون قبضه بنقله كالحلي أو تناوله كالنقدين وإن كان مكيلاً فيكون قبضه بكيله، أو موزوناً فبوزنه، أو معدوداً فبعده، أو مذروعاً فبذرعه. أما إن كان غير منقول كعقار من أرض وبناء وشجر، وثمر على شجر، وزرع على أرض فإن كل ذلك يصح رهنه، ويكون قبضه بالتخلية بينه وبين مرتهنه من غير حائل، واستدامة القبض شرط في اللزوم، فإن ردّ المرتهن المرهون للراهن بإجارة أو إعارة أو إيداع أو نحو ذلك زال لزومه وأصبح كأنه لم يكن مقبوضاً، فإن أعاده الراهن إلى المرتهن ثانياً باختياره عاد لزومه بالعقد السابق. أما إذا انتزع المرهون من يد المرتهن بغير اختياره كأن اغتصبه الراهن منه، أو سرق منه، فإن العقد يبقى على لزومه. وأما شروط الصحة فهي أربعة أنواع: نوع يتعلق بالعقد، ونوع يتعلق بالمتعاقدين الراهن والمرتهن، ونوع يتعلق بالمرهون، ونوع يتعلق بالمرهون به. النوع الأول: ما يتعلق بالعقد وهو: أن لا يكون العقد معلقاً بشرط لا يقتضيه العقد كما تقدم في