ومن ذلك ما إذا طلب شخص من آخر أن يقرضه مالاً فقال له: اشتر مني هذا الثوب بعشرين فاشتراه ثم باعه لشخص غير الذي اشتراه منه بعشرة، وهذا باعه لصاحبه بالعشرة فأخذها وأعطاها للمشتري الأول فأخذها، وبقي عليه دين العشرين، ويسمى هذا بيع العينة بكسر العين، فقال بعضهم: إنه جائز، وقال بعضهم: إنه مكروه. ومنها: أنه لا يجوز أن يقرض الصبي المحجور عليه. فإذا أقرضه فأضاع الصبي ما أخذه فقد ضاع على صاحبه، أما إذا كان الصبي غير محجور عليه بأن كان مأذوناً بالتصرف فإنه يصح أن يقرضه، لأنه يكون في حكم البالغ وبعضهم يقول: إن الصبي المحجور عليه إذا استهلك ما اقترضه يكون عليه ضمانه، أما إذا هلك بنفسه فلا ضمان عليه اتفاقاً. ومثل الصبي في ذلك المعتوه. الشافعية - قالوا: يتعلق بالقرض أحكام. أولاً أركانه كأركان البيع فلا بد من أن يكون الشيء المقترض معلوم القدر وكذلك لا بد فيه من الإيجاب والقبول كالبيع، والإيجاب تارة يكون صريحاً، وتارة يكون كناية فالصريح كأن يقول: أقرضتك هذا الشيء أو سلفتك. ومثله ما إذا قال: ملكت هذا الشيء بمثله. والكناية كأن يقول: خذ هذا الشيء بمثله، أو على أن ترد بدله، أو خذه ورد بدله، أو اصرفه في حوائجك ورد بدله. ولا يلزم الإيجاب والقبول في القرض الحكمي، وذلك كما إذا وجد دابة لقطة فأنفق عليها، فإن الإنفاق عليها له حكم قرض صاحبها، وهذا لا يشترط فيه القبول ولا الإيجاب. ثانياً: أنه يشترط في المقرض بكسر الراء أن يكون أهلاً للتبرع، فلا يصح للوالي أن يقرض مال المحجور الذي له عليه ولاية بلا ضرورة، كأن يخاف الوالي على مال المحجور عليه من الضياع نهباً ونحو ذلك. ولكن للقاضي أن يقرض مال المحجور عليه بدون ضرورة إن كان المقترض أميناً موسراً. وكذلك يشترط أن يكون المقرض مختاراً، فلا يصح قرض المكره كسائر عقوده، أما المقترض فإنه يشترط فيه أن يكون أهلاً للمعاملة بأن يكون بالغاً عاقلاً غير محجور عليه. ثالثاً: يشترط في الشيء المقرض أن يكون مما يصح فيه السلم إذا كان موصوفاً في الذمة، كأقرضتك جملي الموصوف بكذا، إنما يشترط أن يقبضه المقترض حالاً، فلا يصح أن يؤخر قبضه زمناً