للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


على الصبي من حقوق الأب كما تقدم. أما إذا عرض له السفه بعد البلوغ بزمن أكثر من عام فإن الحجر عليه لا يكون إلا بحكم لحاكم.
فإذا تصرف السفيه الذكر قبل الحجر عليه فإن ذلك يشمل أموراً:
أحدها: أن يكون السفه قد عرض له قبل البلوغ ثم استمر بعده وله أب أو وصي، حكم هذه الصورة قد عرفت مما تقدم، وهو أنه يستمر الحجر عليه من غير احتياج إلى فك وحجر جديدين، ويكون المرجع في تصرفه للولي كما تقدم.
ثانيها: أن يعرض له السفه وهو صغير ثم يبلغ سفيهاً وكان يتيماً لا أب له ولا وصي ولم يقم الحاكم له قيماً ويسمى بالسفيه المهمل. وحكم هذا: أن تصرفه قبل الحجر عليه بعد البلوغ يقع نافذاً على الراجح، لأن العلة في عدم نفاذ التصرف إنما هي الحجر فمتى انتفى الحجر نفذ التصرف، فإذا وضع الحجر عليه فلا يرفع إلا بالحكم بفكه ولو صار رشيداً.
ثالثها: أن يعرض له السفه بعد البلوغ وتصرفه قبل الحجر عليه، وفي هذه الصورة ينفذ تصرفه أيضاً.
أما إذا تصرف وهو صبي يتيم لا أب له ولا وصي قبل أن يقيم الحاكم له وصياً فإن تصرفه يكون باطلاً بلا خلاف.
وإذا تصرفت الأنثى البالغة السفيهة التي لا ولي لها "وتسمى بالمهملة" فقال بعضهم: إن أفعالها تنفذ كالذكر. وقال بعضهم: لا تنفذ ما لم تتزوج ويدخل بها زوجها وتقيم معه مدة يحمل أمرها فيها على الرشد، واختلف في تقدير هذه المدة، وقد نقل بعضهم أن الذي كان عليه العمل في تقديرها هو أن يمضي عليها في بيت زوجها نحو السنتين أو الثلاث، فإذا تصرفت قبل هذه المدة فلا ينفذ تصرفها، فإذا لم تتزوج فإن أفعالها لا تنفذ إلا إذا بلغت سناً لم تعد صالحة فيه للزواج واختلف فيه، فقيل: هو حد الأربعين سنة، وقيل: من خمسين إلى ستين.
أما الصغيرة التي لها أب أو وصي فقد عرفت أنها محجورة بهما، ولا ينفك حجرها إلا إذا توفرت فيها الشروط المتقدمة وهي: البلوغ، والرشد - بمعنى حفظ مالها من الضياع - ويزاد على ذلك أن تتزوج ويدخل بها زوجها، ويشهد عدلان فأكثر على حسن تصرفها، فإن لم يدخل بها الزوج فإن الحجر يستمر عليها ولو شهد عدلان برشدها، ومتى تحققت هذه الشروط فإن الحجر يرفع عنها وتنفذ أفعالها على المعتمد. وبعضهم يقول: إن الحجر لا يرفع عنها إلا إذا مضى عليها عام بعد دخولها على زوجها وشهد الشهود بعد العام بصلاحها. وبعضهم يقول غير ذلك.
ولا تحتاج في رفع الحجر عنها بعد تحققه إلى أن يفك الحجر أبوها إذا كان وليها، وإنما تحتاج إلى ذلك إذا كان الولي غير الأب كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>