للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


وإذا قال له الولي: إنني أدفع لك مهراً قدره كذا ولم يعين له المرأة التي يتزوجها فإن الإذن يصح، وله أن يتزوج بذلك المهر ما يشاء.
وإذا تزوج السفيه بلا إذن وليه فإن نكاحه يكون باطلاً، ويفرق بينهما ولم يلزمه شيء وإن لم تعلم الزوجة أنه سفيه لأنها فرطت في عدم السؤال عنه.
وإذا اقترض السفيه شيئاً أو اشتراه وقبضه وأتلفه فلا ضمان عليه لا في أثناء الحجر ولا بعد فكه عنه، لأن مالكه أهمل ماله وسلطه عليه وجزاء المهمل الخسارة ولا فرق في ذلك بين أن يكون عالماً بأنه سفيه أو لا، لأنه في حالة عدم العلم يكون مقصراً.
إذا أقر السفيه بأنه استدان من شخص مالاً قبل الحجر عليه أو بعده فإن إقراره لا يقبل وكذلك إذا أقر بأنه أتلف مال شخص، أو قتل دابة ونحو ذلك مما يوجب عوضاً مالياً فإنه لا يقبل على الأظهر، ولا يعمل بإقراره بعد فك الحجر عنه. أما إذا أقر بما يوجب الحد والقصاص فإنه يعمل بإقراره.
ولا يصح إذن الولي في المعاملات سوى النكاح، فإذا أذنه في بيع أو شراء أو تجارة فإنه لا ينفعه إذنه ولا يفيده شيئاً على الراجح. وقيل: ينفع بشرط أن يقدر الولي العوض كأن يقول له: اشتر السلعة بعشرة جنيهات. أما ما لا عوض له كالهبة فإنه لا ينفع فيه إذن بالاتفاق.
الحنابلة - قالوا: السفيه هو الذي لا يحسن التصرف في ماله، فإذا كان الشخص البالغ سفيهاً لا يحسن التصرف فإن الحجر عليه يكون من حق الحاكم، فإذا كان السفه صفة له وهو صغير ثم بلغ رشيداً ولكن عاوده السفه بعد البلوغ أعيد الحجر عليه بمعرفة الحاكم. ومثله المجنون كما تقدم ولا يفك الحجر عنه إلا بحكم، لأنه حجر ثبت بحكمه فلا يزال إلا به.
وإذا حجر على السفيه فإن تصرفاته تكون باطلة، وللولي أن يأذنه في بعض التصرفات فتنفذ ومن ذلك الزواج؛ فإن الولي إذا أنذه بأن يتزوج فباشر بنفسه فإنه ينفذ إلا إذا كان السفيه في حاجة إلى الزواج لمتعة أو خدمة فإن له أن يفعل وإن لم يأذنه وليه، وسواء طلب منه ومنعه أو لم يمنعه، ولكن لا ينفذ زواجه إلا بمهر المثل.
ويصح أن يطلق زوجه ويخلعها بمال يأخذه، ويلزم السفيه بحكمه في الحال بدون إذن وليه إلا أن مال الخلع لا يصح دفعه إليه، فإن دفعته المرأة إليه لا تبرأ منه، وإذا أضاعه فقد ضاع عليها.
وكذلك يصح منه الظهار واللعان كما يصح إقراره بنسب كأن يقول: إن هذا الغلام ابني ولدته أمه على فراشي، تلزمه أحكامه من النفقة وغيرها. وكذلك تصح وصيته كما تصح من الرشيد.
وتجب عليه الفرائض الدينية المتعلقة بالأموال كالزكاة، ولكنه لا يباشر صرفها بنفسه بل يفرقها وليه سائر تصرفاته المالية، ويصح منه نذر كل عبادة بدنية كالحج والصيام والصلاة، ولا تصح هبته ولا وقفه، لأن ذلك تبرع بمال وهو ليس أهلاً للتبرع، ولا تصح شركته ولا حوالته ولا الحوالة عليه ولا ضمانه لغيره ولا كفالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>