للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارتفع النهار دعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - براحلته، وحشَد المسلمون ولبسوا السلاح، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته القصواء، والناس معه عن يمينه وعن شماله وخلفه: منهم الماشي والراكب، فاعترضنا الأنصار، فما يَمُرّ بدار من دورهم إلا قالوا: هلم يا رسول الله إلى العزّ والمْنعة والثروة، فيقول لهم: خيرًا، ويدعو، ويقول: "إنها مأمورة"؛ فخلّوا سبيلها.

فمَرّ ببني سالم، فقام إليه عتبان بن مالك، ونوفل بن عبد الله بن مالك بن العجلان، وهو آخذٌ بزمام راحلته يقول: يا رسول الله! انزل فينا؛ فإنّ فينا العدَدَ والعُدّة والحلقة (١)، ونحن أصحاب القضا والحدائق والدرك (٢) يا رسول الله، قد كان الرجل من العرب يدخل هذه البَحرة خائفًا، فيلجأ إلينا فنقول له: قوقل حيث شئت، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم ويقول: "خلوا سبيلها فإنها مأمورة"، فقام إليه عبادة بن الصامت، وعباس بن الصامت بن نضلة بن العجلان، فجعلا يقولان: يا رسول الله انزل فينا، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بارك الله عليكم، إنها مأمورة"، فلما أتي مسجد بني سالم - وهو المسجد الذي في الوادي - فجمع بهم وخطبهم.

ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمين الطريق حتى جاء بني الْحُبلى، فأراد أن ينزل على عبد الله بن أبيّ، فلما رآه ابن أبيّ وهو عند مزاحم - أي الأطم


(١) الحلقة: السلاح عاما.
(٢) الدرك: اللحاق والوصول إلى الشيء.
ـ

<<  <   >  >>