متقنِّعًا بين المغرب والعشاء، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يا أبا أُمامة، جئتَ مِن منزلك إلى ها هنا وبينك وبين القوم ما بينك؟ " قال أبو أُمامة: لا والذي بعثك بالحق ما كنت لأسمع بك في مكان إلا جئت، ثم بات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح، ثم غدا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن خيثمة ورفاعة ومبشر ابني عبد المنذر:"أجيروه"، قالوا: أنت يا رسول الله فأَجرهُ، فجوارنا في جوارك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُجيره بعضكم"، فقال سعد بن خيثمة: هو في جواري، ثم ذهب سعد بن خيثمة إلى أسعد بن زرارة في بيته، فجاء به محاضرةً في يده ظُهرًا حتى انتهى به إلى بني عمرو بن عوف، ثم قالت الأوس: يا رسول الله كلنا له جوار، فكان أسعد بن زرارة بعدُ يغدو ويروح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، انتهى (١).
[٣ - قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - من قباء للمدينة]
وروى يحيى أنه - صلى الله عليه وسلم - لمّا شَخَص أي مِن قباء - اجتمعت بنو عمرو بن عوف فقالوا: يا رسول الله! أخرجتَ مَلالا لنا أم تريد دارًا خيرًا من دارنا؟ قال: إنَي أُمتُر بقرية تأكُل القرى، فخلّوها - أي: ناقته - فإنّها مأمورة، فخرج - صلى الله عليه وسلم - من قباء، فعرض له قبائل الأنصار كلهم يدعوه ويعِدُه النصرة والمْنَعَة، فيقول:"خلّوها فإنها مأمورة"، حتى أدركته الجمعة في بنِي
(١) السمهودي، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، (ج ١، ص ٥٦٠ - ٥٦١).