للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعباس: إنك في سَعَة فأعطِنِي بيتَك هذا أوسع به في المسجد، فأبي العباس ذلك عليه، فقال عمر: إنّي أثمنك وأرضيك، قال: لا أفعل، لقد ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاتقي وأصلح ميزابه بيده فلا أفعل، قال عمر: لآخُذنّه منك، فقال: أحدهما لصاحبه، فاجعل بيني وبينك حكَمًا، فجعلا بينهما أبي ابن كعب، فأتياه فاستأذنا على الباب، فحبسهما ساعة ثم أذن لهما، وقال: إنما حبستكما أنّي كنت كما كانت الجارية تغسل رأسي، فقصّ عليه عمر قصته، ثم قصّ عباس قصته، فقال: إنّ عندي علمًا مما اختلفتها فيه، ولأقضينّ بينكما بما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول: إنّ داود لمّا أراد أنْ يبني بيت المقدس، وكان بيت ليتيمين من بنِي إسرائيل في قبلة المسجد، فأراد منهما البيع فأبيا عليه، فقال: لآخذنّه، فأوحى الله عَزَّ وَجَلَّ إلى داود: إنّ أغنى البيوت عن المظلمة بيتي، وقد حرَّمتُ عليك بنيان بيت المقدس، قال: فسليمان، فأعطاه سليمان، فقال عمر لأبَيّ: ومَن لي بأنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال هذا؟ فقال أُبَيّ لعمر: أتظُنّ أنّي أكذب على رسول الله؟ لتخرُجَنّ من بيتي، فخرج إلى الأنصار، فقال: أيّكم سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول كذا وكذا؟ فقال، هذا: أنا، وقال هذا: أنا، حتى قال ذلك رجالٌ، فلما علم ذلك عمر، قال: أما والله لو لم يكن غيرك لأجزت قولك، ولكنّي أردتُ أنْ أستثبت (١).


(١) السمهودي، وفاء الوفا ج ٢، ص ٢٧٠ - ٢٧١.

<<  <   >  >>