للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه من تقديمه عليهم.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من جاء إلى أمتي ليفرق جماعتهم, فاضربوا عنقه كائنا من كان" ١.

قال الطبري: فهذا معنى الأمر بلزوم الجماعة.

قال: وأما الجماعة التي إذا اجتمعت على الرضى بتقديم أمير، كان المفارق لها ميتا ميتة جاهلية، فهي الجماعة التي وصفها أبو مسعود الأنصاري، وهم معظم الناس وكافتهم من أهل العلم والدين وغيرهم، وهو السواد الأعظم.

قال: وقد بين ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فروي عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قال عمر -حين طُعن- لصهيب: صَلِّ بالناس ثلاثا وليدخل عليَّ عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، وليدخل ابن عمر في جانب البيت، وليس له من الأمر شيء، فقم يا صهيب على رءوسهم بالسيف فإن بايع خمسة ونكص واحد فاجلد رأسه السيف، وإن بايع أربعة ونكص رجلان فاجلد رءوسهما حتى يستوثقوا على رجل.

قال: فالجماعة التي أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلزومها وسمى المنفرد عنها مفارقا لها نظير الجماعة التي أوجب عمر الخلافة لمن اجتمعت عليه وأمر صهيبا بضرب رأس المنفرد عنهم بالسيف، فهم في معنى كثرة العدد المجتمع على بيعته، وقلة العدد المنفرد عنهم.

قال: أما الخبر الذي ذكر فيه: "أن لا تجتمع الأمة على ضلالة" فمعناه: أن لا يجمعهم على إضلال الحق فيما نابهم من أمر دينهم حتى يضل جمعهم عن العلم


١ انظر: "صحيح مسلم"، كتاب الإمارة: ٣/ ١٤٨٠.

<<  <   >  >>