للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا أيضا ما فسر به الآية حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عندما سُئل عنها فقال: أما إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم, ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا أحله الله حرموه، فتلك كانت ربوبيتهم.

وقال: انطلَقوا إلى حلال الله فجعلوه حراما، وإلى حرام الله فجعلوه حلالا، فأطاعوهم في ذلك. فجعل الله طاعتهم عبادتهم, ولو قالوا لهم: "اعبدونا" لم يفعلوا١.

والصورة الواضحة أو المثال القريب لهذا اللون من الشرك, هو التحاكم إلى القوانين الوضعية التي ارتضاها البشر لأنفسهم بمعزل عن دين الله وشريعته٢.

وهذا اللون من الشرك هو الذي يعم وجه الأرض اليوم؛ فأما الأرض غير الإسلامية فقد حوت كل صنوف الكفر والشرك، ومن أبرزها شرك الطاعة في التحليل والتحريم بغير ما أنزل الله، واتخاذ الأرباب المختلفة من دون الله.

وأما الأرض الإسلامية فقد وقع من أهلها في هذا النوع من الشرك كل من رضي بشريعة غير شريعة الله، مجلوبة من الشرق أو الغرب, وكل من رفع راية للتجمع أو للجهاد غير راية الإسلام، من قومية أو وطنية أو علمانية أو غيرها من الرايات التي لم يأذن بها الله.

وهؤلاء وهؤلاء يقيمون أربابا -وإن كانت غير محسوسة- ويعبدونها من دون الله.


١ "تفسير الطبري" ١٤/ ٢١١, ٢١٢.
٢ انظر بالتفصيل: "مجموع الفتاوى": ٣/ ٢٦٧، "تفسير ابن كثير": ٣/ ١٢٢, ١٢٣، "عمدة التفسير": ٤/ ١٤٦ وما بعدها، "تحكيم القوانين" للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، "الحكم بغير ما أنزل الله وصلته بالعقيدة".

<<  <   >  >>