للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالذي ينادي بالقومية أو الوطنية ويتخذ ذلك ذريعة لإقامة وطن لا تحكم فيه شريعة الله, هو في الواقع يتخذ القومية أو الوطنية ربا يعبده من دون الله، سواء في ذلك من يقيم هذه الراية ومن يرضى بها؛ لأن الأول يصدر باسمها تشريعات تحل وتحرم بغير ما أنزل الله، والآخر يتلقى منها ويطيعها ولا يتوجه بالتلقي والطاعة إلى الله.

والذي ينادي بوجوب إفطار العمال في رمضان لأن الصيام يضر بالإنتاج المادي، يتخذ الإنتاج المادي في الحقيقة ربا يعبده من دون الله؛ لأنه يطيعه مخالفا أمر الله.

والذي ينادي بخروج المرأة سافرة متبرجة مخالطة للرجال باسم التقدم والرقي وباسم التحرر، يتخذ التقدم والرقي والتحرر في الحقيقة أربابا معبودة من دون الله؛ لأنه يحل باسمها ما حرم الله، ويطيعها من دون الله.

والذي يدعو إلى إبطال شريعة الله أو تبديل الأحكام الإسلامية التي تصون الأخلاق والأعراض لكي نبدو في نظر الغرب متحضرين غير متخلفين، يتخذ الغرب وتقاليده أربابا معبودة من دون الله، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم؛ لأن الغرب وتقاليده أثقل في حسه من أوامر الله، وأولى بالاتباع والطاعة من أوامر الله!

وهكذا نجد صورا متعددة من شرك الطاعة والاتباع تعمّ حياة الناس اليوم دون أن يتبينوا ما هم واقعون فيه من الشرك، مع أن كتاب الله وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- واضحة حاسمة في هذا الأمر: أن العبادة هي التلقي من الله في كل شأن من شئون الحياة. وكما نتلقى من الله شعائر التعبد، فنعبده -سبحانه وتعالى- بما تعبَّدنا به من صلاة وصيام وزكاة وحج، كذلك نتلقى منه أمور حلالنا وحرامنا، أي: الشريعة التي تحكم أمور حياتنا في الصغيرة وفي الكبيرة سواء؛ لأن الله تعبدنا بتنفيذ

<<  <   >  >>