للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلوكهم وأقوالهم وعقائدهم. ومن أبرز هذه النماذج المعاصرة: الباطنيون الذين يبطنون شيئا ويظهرون شيئا آخر ... وأتباع الأحزاب والمنظمات الجاهلية التي تنادي بتحكيم غير شريعة الله؛ كالشيوعية والرأسمالية، والقومية والعلمانية ... والملأ من أعوان الطواغيت الذين هم من كبار المسئولين والمستشارين والمساعدين، فلا قيمة للطاغوت لولا الملأ، فبهم يستبدّ ويبطش، وبهم يفرض على المسلمين غير شريعة الله، وبهم يوالي أعداء الله ويبيح المحرمات، وبهم يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف١ ...

وإذا كان الأمر بهذه الخطورة، فهل نستطيع اليوم أن نحكم على إنسان بعينه بهذا النفاق؟

يقول الإمام الخطابي رحمه الله:

"كان رسول الله لا يواجه المنافقين بصريح القول، ولا يسميهم بأسمائهم، فيقول: فلان منافق، وإنما يشير إليهم بالأمارة المعلومة على سبيل التورية عن التصريح. وكان حذيفة بن اليمان يقول: إن النفاق إنما كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما كان بعد زمانه كفر ... أو يقول: ولكنه الكفر بعد الإيمان٢.

ومعنى هذا القول: أن المنافقين في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكونوا قد أسلموا، إنما كانوا يظهرون الإسلام رياء ونفاقا، ويسرون الكفر عقدا وضميرا. فأما اليوم وقد شاع الإسلام واستفاض، وتوالد الناس عليه، فتوارثوه قرنا بعد قرن, فمن نافق منهم بأن يظهر الإسلام ويبطن خلافه فهو مرتدّ؛ لأن نفاقه كفر أحدثه بعد قبول الدين، وإنما كان المنافق في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقيما على كفره


١ "مساجد الضرار بين القديم والحديث" ص١١٩-١٢١ باختصار.
٢ أخرجه البخاري: ١٣/ ٦٩.

<<  <   >  >>