للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأول، فلم يتشابها"١.

وإنما اختلف الحكم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتألفهم ويقبل ما أظهروه من الإسلام ولو ظهر منهم احتمال خلافه، وأما بعده فمن أظهر شيئا فإنه يؤاخذ به, ولا يترك لمصلحة التألف لعدم الاحتياج إلى ذلك٢.

٢- النفاق الأصغر، أو النفاق العملي: وهو ترك المحافظة على أمور الدين سرا، ومراعاتها علنا، فيشبه في هذا النفاق الأكبر، إذ فيه مخالفة القول للواقع ولكنه ليس في الاعتقاد؛ ولذلك لا يتنافى مع أصل التوحيد والإيمان ولا يخرج صاحبه عن الدين، وإن كان يستحق الوعيد كسائر المعاصي.

وقد نبه النبي -صلى الله عليه وسلم- على هذا النوع في أحاديث كثيرة، كقوله عليه الصلاة والسلام:

"آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" ٣.

"أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" ٤.

فهذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، ولكنه ليس على كفرهم أو اعتقادهم، بل على عملهم، فهو


١ "أعلام الحديث" للخطابي: ١/ ١٦٦-١٦٨ تحقيق د. محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود.
٢ "فتح الباري" لابن حجر: ١٣/ ٧٤.
٣ أخرجه البخاري في الإيمان: ١/ ٨٩, ومسلم في الإيمان: ١/ ٧٨.
٤ البخاري, ومسلم في الموضع السابق نفسه.

<<  <   >  >>