للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونجتزئ هنا بما كتبه العلامة المقريزي في "الخطط" وهو يدرس عقائد أهل الإسلام منذ ابتداء الملة الإسلامية إلى أن انتشر مذهب الأشعري، ويرصد البدع التي ظهرت في المجتمع, ويرسم خطا لتطورها التاريخي، فيقول:

"مضى عصر الصحابة -رضي الله عنهم- على هذا, إلى أن حدث في زمنهم القول بالقدر، وأن الأمر أُنُف، أي: إن الله تعالى لم يقدّر على خلقه شيئا مما هم عليه.

وكان أول من قال بالقدر في الإسلام: معبد بن خالد الجهني. وكان يجالس الحسن البصري، فتكلم في القدر بالبصرة، وسلك بعض أهل البصرة مسلكه لما رأوا عمرو بن عبيد ينتحله، وأخذ معبد هذا الرأي عن رجل من الأساورة يقال له: يونس سنسويه، ويعرف بالأسوري، فلما عظمت الفتنة به عذبه الحجاج، وصلبه بأمر عبد الملك بن مروان سنة ثمانين، ولما بلغ عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، مقالة معبد في القدر تبرأ من القدرية، واقتدى بمعبد في بدعته هذه جماعة من الناس.

وأخذ السلف -رحمهم الله- في ذم القدرية، وحذَّروا منهم، كما هو معروف في كتب الحديث، وكان عطاء بن يسار قاضيا يرى القدر، وكان يأتي هو ومعبد الجهني إلى الحسن البصري فيقولان له: إن هؤلاء يسفكون الدماء، ويقولون: إنما تجري أعمالنا على قدر الله؟ فقال: كذب أعداء الله، فطُعن على الحسن بهذا ومثله.


قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه ... "وهم الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه".وانظر: "الوصية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص٦٥-٦٨ بتحقيقنا، الطبعة الثانية.

<<  <   >  >>