للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحدث أيضا في زمن الصحابة -رضي الله عنهم- مذهب الخوارج, وصرحوا بالتكفير بالذنب، والخروج على الإمام وقتاله, فناظرهم عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- فلم يرجعوا إلى الحق١، وقاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقتل منهم جماعة، كما هو معروف في كتب الأخبار، ودخل في دعوة الخوارج كثير، ورُمي جماعة من أئمة الإسلام بأنهم يذهبون إلى مذهبهم، وعُد منهم غير واحد من رواة الحديث، كما هو معروف عند أهله.

وحدث أيضا في زمن الصحابة -رضي الله عنهم- مذهب التشيع لعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، والغلو فيه، فلما بلغه ذلك أنكره وحرّق بالنار جماعة ممن غلا فيه٢، وأنشد:

لما رأيت الأمر أمرا منكرا ... أجّجت ناري ودعوت قَنْبَرا

وقام في زمنه -رضي الله عنه- عبد الله بن وهب بن سبأ المعروف بابن السوداء السبئي، وأحدث القول بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بالإمامة من بعده، فهو وصي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخليفته على أمته من بعده بالنص، وأحدث القول برجعة علي بعد موته إلى الدنيا، وبرجعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضا، وزعم أن عليا لم يُقتَل،


١ بل رجع منهم عدد كبير بعد مناظرة ابن عباس -رضي الله عنهما- ففي الرواية نفسها:
"فرجع منهم عشرون ألفا، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا". انظر: "المصنف" للإمام عبد الرزاق: ١٠/ ١٦٠، "مجمع الزوائد": ٦/ ٢٤١. وفي "المستدرك" للحاكم: ٢/ ١٥٢: "فرجع من القوم ألفان، وقتل سائرهم على ضلالة" قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
٢ أخرج البخاري ٦/ ١٤٩ عن عكرمة أن عليا -رضي الله عنه- حرّق قوما، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدّل دينه فاقتلوه" وانظر: "فتح الباري": ٦/ ١٤٩-١٥١، ١٢/ ٢٦٩-٢٧٢.

<<  <   >  >>