للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغراض المسند:

أغراض الإفراد: وأما إفراده فلكونه غير سببي مع عدم إفادة تقوي الحكم١؛ كقولك: "زيد منطلق، وقام عمرو" والمراد بالسببي نحو: "زيد أبوه منطلق"٢.

قال السكاكي٣: وأما الحالة المقتضية لإفراده فهي إذا كان فعليا ولم يكن المقصود من نفس التركيب تقوي الحكم، وأعني بالمسند الفعلي ما يكون مفهومه محكوما به بالثبوت للمسند إليه أو بالانتفاء عنه، كقولك: "أبو زيد منطلق، والكُرّ٤ من البُرّ بستين، وضُرب أخو عمرو، ويشكرك بكر إن تعطه، وفي الدار خالد"؛ إذ تقديره: "استقر أو حصل في الدار" على أقوى الاحتمالين٥؛ لتمام الصلة بالظرف، كقولك: "الذي في الدار أخوك"٦.

وفيه نظر من وجهين: أحدهما: أن ما ذكره في تفسير المسند الفعلي يجب أن يكون تفسيرا للمسند مطلقا٧، والظاهر أنه إنما قصد به الاحتراز عن المسند السببي، إذ فسر المسند السببي بعد هذا بما يقابل تفسير المسند الفعلي، ومثّله بقولنا: "زيد أبوه منطلق أو انطلق، والبر الكر منه بستين" فجعل -كما ترى- أمثلة السببي مقابلة لأمثلة الفعلي مع الاشتراك في أصل المعنى٨. والثاني أن الظرف الواقع خبرا إذا كان مقدرا بجملة -كما اختاره- كان قولنا: "الكر من البر بستين" تقديره: "الكر من البر استقر بستين"، فيكون المسند جملة، ويحصل تقوي الحكم كما مر، وكذا إذا كان: "في الدار خالد" تقديره: "استقر في الدار خالد" كان المسند جملة أيضا؛ لكون "استقر" مسندا إلى ضمير "خالد" لا إلى "خالد" على الأصح؛ لعدم اعتماد الظرف على شيء٩.


١ نحو: "زيد قائم" وإنما يكون ذلك عند اقتضاء المقام له بأن يكون المخاطَب خالي الذهن من الحكم؛ فلا يؤتى له بصورة تفيد تقويته، وهي صورة تقديم الاسم على الخبر الفعلي كما سبق في المسند إليه. وإنما اختص إفراده بذلك؛ لأنه إذا كان سببا أو مفيدا للتقوي كان جملة لا مفردا.
٢ فالسببي كل جملة عُلقت على مبتدأ بعائد لا يكون مسندا إليه في تلك الجملة؛ لأنه إذا كان مسندا إليه فيها كان من صورة تقوية الحكم نحو: "زيد ينطلق"، والسببي نسبة إلى السبب وهو ضمير الربط.
٣ المفتاح ص١١١.
٤ الكر: مكيال مقداره أربعون إردبا، وقيل غير ذلك.
٥ الاحتمال الثاني تقديره اسما, أي: مستقر أو حاصل.
٦ فإن تقديره: الذي استقر أو حصل في الدار أخوك، ولا يصح تقدير: حاصل أو مستقر فيه؛ لأن الصلة لا تتم به، ولكن تعين هذا في الصلة لا يوجب أرجحيته في غيرها.
٧ لأنه يشمل المسند إذا كان فعلا أو غيره، نحو: انطلق زيد، وزيد منطلق، وزيد أبوه منطلق.
٨ يعني به المعنى الذي ذكره للفعلي؛ لأنه يشمل كل مسند كما سبق، فيدخل فيه السببي، وإذا كان داخلا في معنى الفعلي لم تصح المقابلة بين أمثلتهما.
٩ مقابل الأصح يجعل خالدا فاعلا لمتعلق الظرف، فلا تكون جملة مركبة من مبتدأ وخبر، وهذا إنما يأتي في الأصح إذا اعتمد الظرف على نفي أو شبهة نحو: أَوَفِي الدار خالد؟

<<  <  ج: ص:  >  >>